أعتقد أن مخاوف دول المنطقة التي يثيرها برنامج إيران النووي -رغم إصرار السلطات الرسمية في إيران على أنه مخصص للأغراض السلمية، مبررة ومشروعة. دول المنطقة تشعر بتهديد من برنامج إيران النووي لأنها تتوجس من طبيعة استخداماته. وإذا ما ثبت أن هذا البرنامج سيكون مخصصًا للأغراض العسكرية، فهذا يعني أن دول المنطقة جميعًا يمكن أن تنجر إلى سباق تسلح من نوع جديد وأكثر خطورة بكثير من سباق التسلح الذي نشهده منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي. الدول العربية يجب أن تستغل أجواء القلق التي تسود المجتمع الدولي حيال برنامج إيران النووي، وتضغط بدورها في كل المحافل لمنع الإيرانيين من امتلاك هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل. وفي نفس الاتجاه فإن المصالح العليا لدول المنطقة تفرض علينا أن نستغل هذه الأجواء المشحونة بالقلق والخوف من النوايا الإيرانية، لإعادة فتح الملف النووي للكيان الإسرائيلي. شعوب المنطقة من حقها أن تعيش في منطقة خالية من السلاح النووي وباقي أسلحة الدمار الشامل. وهو ما لن يتأتى لها في ظل استمرار امتلاك العدو الإسرائيلي للأسلحة النووية، وفي ظل إصرار العدو على عدم التوقيع على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي التي وقعتها الأغلبية الساحقة من دول العالم بما فيها الدول العربية مجتمعة. إن من حق الأجيال الجديدة في هذه المنطقة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب وسفك الدماء والقلاقل، أن تنعم بالحد الأدنى من مقومات الأمن. والسلاح النووي الذي يتحجج البعض بأنه سلاح ردع استراتيجي غير قابل للاستخدام، يمكن أن يؤدي إلى كوارث هائلة في حال حدوث أي تسرب إشعاعي من أحد المفاعلات النووية. إن كارثة التسرب الإشعاعي من مفاعل تشيرنوبل بأوكرانيا في نهاية الثمانينات، تؤكد أن الأخطاء واردة مهما كان حجم ونوع التدابير الاحترازية التي تتخذها الدول لتأمين مفاعلاتها النووية. ولمن أراد أن يتأكد أكثر فما عليه إلا أن يراجع التأثير المدمر لمفاعل ديمونة -الذي حرص الإسرائيليون على تشييده بعيدا عن المدن، على صحة السكان العرب الذين يشغلون صحراء النقب التي يتواجد فيها المفاعل. من جهة أخرى فإن سباق التسلح النووي في المنطقة سيقتطع الجزء الأكبر من ميزانيات الدول المخصصة للتنمية، لتلبية متطلبات هذا السباق المحموم. وهو ما ينذر بازدياد معدلات الفقر والمرض. السلاح النووي خطر على الجميع أيا كان مصدره.