منذ عام 1974 والأممالمتحدة تتبنى المشروع الذي قدمته مصر وإيران (زمن الشاه) بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي دون أن يرى هذا المشروع النور حتى الآن، ودون أن تظهر في الأفق مؤشرات تدل على إمكانية تحقيقه في المدى المنظور، على الرغم من أن مناطق كثيرة في العالم تحولت إلى مناطق خالية من السلاح النووي بعد هذا التاريخ، وعلى الرغم أيضًا من إقدام دول نووية عدة على التخلص من أسلحتها النووية مثل جنوب إفريقيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء وكازاخستان، وهو ما يطرح السؤال : لماذا تظل منطقة الشرق الأوسط استثناءً بالرغم من أهميتها الجيوسياسية البالغة، باعتبارها إحدى أكثر المناطق أهمية في العالم، والمصدر الرئيسى للنفظ والغاز والاحتياطى العالمى للطاقة، ونظرًا لما تواجهه من تحديات أمنية خطيرة سواءً على صعيد تنامي ظاهرة الإرهاب، أم على صعيد تعثر عملية السلام، مضافًا إلى ذلك كله ما تشهده من سباق تسلح محموم تزيد من مخاطره الترسانة النووية الإسرائيلية وطموحات إيران النووية، والنهج العدواني الإسرائيلي الذي تشهد عليه حرباها الأخيرتان ضد لبنان وغزة وتهديداتها المتكررة لسوريا ولبنان. السؤال التلقائي الذي يترتب على السؤال الأول: لماذا تمتنع إسرائيل حتى الآن عن الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وترفض الاعتراف بأيّ قرار يصدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما لو طلب منها مجرد زيارة أيّ منشأة من منشآت برنامجها النووي الذي يكتنفه الغموض منذ تدشينه أواسط الخمسينات ؟ تكمن المفارقة هنا في أن إسرائيل التي شعر العالم كله بالصدمة عندما كشفت صحيفة «صنداي تايمز» بالصور النقاب عن أسرار ترسانتها النووية في الخامس من أكتوبر 1986 بواسطة مردخاي فعنونو الذي كان يعمل في مفاعل ديمونة تتظاهر بإبداء استعدادها للدخول في مفاوضات مع جميع الدول المعنية لتحقيق هدف إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشمال! إن مبدأ حظر امتلاك الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، ينبغي أن يمثل مطلبا أساسيا للمجموعة العربية خلال مؤتمر الأممالمتحدة المرتقب حول تجديد معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لأنه لا يمكن التوصل إلى سلام حقيقي في المنطقة إلا بعد تحقيق هذا الهدف.