من أهم الواجبات على الجهات الفنية المسؤولة هو الاهتمام بالتراث والعناية به والعمل على حفظه من الاندثار، ونحن لدينا من الفنون الأصيلة الشيء الكثير، وفي جدةومكة ألوانًا غنائية كثيرة وعريقة، وقبل حوالي 20 أو 25 عامًا كانت هذه الفنون متألقة ومتواجدة بقوة، ولكن بعد رحيل كثير من الفنانين الأصيلين، اختفت كثير من تلك الألوان الغنائية، وللأسف المطربين السعوديين اليوم لا يعرفون هذه الألوان، والمطربين المخضرمين لا يرغبون بآداء هذه الألوان لأن معظمهم لا يعرف كيف يؤديها، وبعضهم لو وجد (شيك) لغناها فوراً، ولكن هذه الألوان التراثية الجميلة لاتحتاج إلى المطربين (التّجار)، وإنما إلى فنانين أصيلين يعرفون التراث ويقدّرونه، والأهم أنهم يعرفوا كيف يؤودون هذه الألوان بشكلها الصحيح. والحقيقة إنني أجدها فرصة لأشكر السادة العُمد في جدة الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية إعادة إحياء أحد ألواننا الغنائية التراثية التي هي بالفعل في طريقها إلى الاندثار، وهو فن «الصهبة»، ولكن بمبادرة مثل هذه من العُمد، ومن جهة فنية مسؤولة كفرع جمعية الثقافة والفنون بجدة، نستطيع أن نحفظ تراثنا بشكل صحيح، ونقدمه للأجيال الجديدة لتتعّرف على تراثنا الأصيل. وفن «الصهبة» من الألوان التراثية العريقة، وقد عُرف وأشتهر هذا اللون في مكةالمكرمةوجدة، وهو آداء جماعي لقصائد عربية معبّرة، وكانت زمان لا تقام أي مناسبة فنية إلا وكنا نجد لون «الصهبة» في مقدمة المناسبة، وبالطبع كان معظم الذين يؤودنه من كبار السن المخضرمين، وسبق لي أن ألتقيت قبل أكثر من 20 عامًا بواحد من رواد هذا الفن العريق وهو الفنان الراحل العم علي صايغ يرحمه الله من مكةالمكرمة، وقد أعطاني هذا الفنان الأصيل معلومات كاملة عن فن «الصهبة» من بدايته، وعرّفنى كل شيء عنه، فزاد الفنان علي صايغ يرحمه الله من حبي لهذا اللون الجميل وبطريقة آداءه. إن فن «الصهبة» أندثر تقريبًا اليوم، مثله مثل ألوان فنية تراثية أصيلة أخرى في جدةومكة، مثل «المجرور»، وغيره، ولكن بمثل هذه المبادرات سنحافظ على تراثنا، ومن يعتقد أن هذه أمور بسيطة غير هامة فهو مخطئ ولا يعرف قيمة التراث وأهمية الحفاظ عليه. شكرًا لعُمد جدة.. وشكرًا لجمعية الثقافة والفنون بجدة.. وأهلا بعودة التراث الأصيل في زمن أغنيات (الشيكات). * * * أمسية الوفاء التي أقامتها جمعية الثقافة الفنون بجدة لازالت تجد أصداء كبيرة، والسبب هو قيمة الفنان الكبير عبدالله محمد (سفينة الأنغام)، فهذا الفنان هو واحد من رموز الفن في السعودية، قدم وأعطى الكثير والكثير، ورحل وهو لم يأخذ شيئًا، ومثل هذه الأمسيات تعيد للذاكرة هؤلاء الرواد وتذكّرنا بما قدموه من فن راقي. صحيح أن الملاحظات كانت -ولازالت- كثيرة عن هذه الأمسية، وصحيح أن معظم هذه الملاحظات جاءت سلبية، ولكن كل هذا لأن الفنان الراحل عبدالله محمد من الرموز الذين سيبقون في الذاكرة بفنهم وعطاءهم، ولذا فإن جمهورهو ومحبيهم لن يقبلوا بتكريم لهم أقل مما يستحقونه، ولهذا دائمًا تكون حفلات التكريم أو حتى أمسيات الوفاء حافلة بالملاحظات لأن الجميع يريد أن يكون هذا الحفل او الأمسية في المستوى الذي يليق بالفنان المكرّم. إحساس ياقمر الحب نعمة للي عايش فيه سعيد.. أي كلمه أي بسمة سحر مفعوله أكيد.. (يا قمر تسلم لي عينك)