يحاول العلماء فهم سبب قدرة الموسيقيين على الاحتفاظ بالذاكرة الموسيقية حتى لو فقدوا الذاكرة بشكل عام، ويرون أن السبب قد يكون في أن الذاكرة الموسيقية تخزن في جزء خاص ومنفصل في الدماغ.حين أصيب المايسترو البريطاني كلايف ويرنغ بعدوى في الدماغ تركته عاجزا عن تذكر اي شيء يتجاوز عمره الثواني العشر، وشخصت حالته بأنها من أقوى حالات فقدان الذاكرة ، بقيت معظم ذاكرته الموسيقية على حالها.والآن، في الثلاثة والسبعين، ما زال المايسترو قادرا على قراءة النوتات الموسيقية وعزف البيانو بل انه استطاع أن يقود جوقته الغنائية السابقة. ويعتقد الباحثون أنهم الآن قريبون من فهم كيفية الاحتفاظ بالذاكرة الموسيقية حتى بعد فقدان الذاكرة.العلاج بالموسيقى. ويفكر د.كارستي فينكه من مستشفى جامعة تشاريتي في برلين بإمكانية استخدام الظاهرة السابقة لعلاج تدريجي ولو محدود لفقدان الذاكرة بربط نشاطات معينة، كتناول العلاج مثلا، بنشاط موسيقي. وكذلك يمكن تحسين نوعية حياة المرضى من الموسيقيين بتشجيعهم على الاستمرار في عزف الموسيقى. ويمكن استخدام الأسلوب المذكور لعلاج الموسيقيين وغير الموسيقيين، لأنهم يمتلكون نفس أنظمة الذاكرة. وتقول د كلير رامسدين من مؤسسة تأهيل الإصابات العصبية التي تقوم بدراسة الظاهرة منذ ثلاث سنوات ان الذاكرة الموسيقية قد لا تكون مشابهة لأنماط الذاكرة الأخرى، لأنها ليست مبنية على المعرفة فقط، بل على الفعل أيضا. وتقول رامسدين ان جوانب مختلفة من العزف الموسيقي مرتبطة بأجزاء مختلفة من الدماغ وإنه ربما واجه أشخاص فقدوا الذاكرة صعوبة في عزف مقطوعة يتعلمونها للمرة الأولى، لكنهم لا يواجهون صعوبة كبيرة في تذكر وعزف مقطوعات تعلموها في وقت سابق على فقدان الذاكرة. وتقول ديبورا زوجة كلايف ويرنغ في كتاب ألفته عن حالته بعنوان "اليوم للأبد" ان زوجها لا يتذكر أي شيء من ماضيه الموسيقي باستثناء مقطوعة لهانديل كان يعزفها بانتظام. وتقول إن الموسيقى تلعب دور المرجع في ذاكرته إذ انه يتذكر نشاطاتهما الموسيقية المشتركة وكيف أن الموسيقى ربطت بينهما في علاقة حب قوية. وتساهم الذكرة الموسيقية لويرينغ في رفع حالته المعنوية التي سرعان ما تهبط الى الحضيض فور انقطاع تأثير الموسيقى، كما تقول ديبورا في كتابها.