لا تزال أحياء شرق محافظة جدة تعاني من نقص إمدادت المياه لليوم الخامس عشر على التوالي، وفقا لإفادة عدد من سكانها، مؤكدين أن هذه الأزمة تؤرق جدة وسكانها منذ سنين طويلة، فيما شركة المياه الوطنية تعد بحلول عاجلة دون تنفيذ فيما السكان يطالبون بحل جذري ونهائي، ولا تكف عن تبرير نقص الإمدادت بسبب عمليات التطوير في منشآت التحلية. ويعاني الأهالي من ضعف وصول المياه إلى منازلهم وطول الانتظار الذي يتجاوز العشر ساعات للحصول على وايت وبسعر مضاعف، ومما يعمق ويفاقم هذه الأزمة، فرض غرامات مالية عليهم واجتهاد فرق الشركة في رصد مخالفات المياه عوضًا عن التفاني والاجتهاد في توصيل المياه إليهم. وبالمقابل أكد وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين في تصريح ل «المدينة» أن مشكلة انقطاع المياه عن أحياء شرق وجنوب محافظة جدة، لن تستمر طويلًا وسوف تنتهي قريبًا جدًا، مضيفا: «جدة مقبلة على خطة تطويرية لمنظومة المياه تنهي جميع المشاكل بإذن الله». ذو الحجة موعد سنوي «المدينة» قامت بجولة ميدانية في أبرز أحياء شرق جدة لنقل معاناة السكان مع المياه، وكانت البداية في حي النخيل مع عمر أبو الخير، ورفقته كل من (يونس محمد، أحمد مليباري، وشجاع المطيري). يقول أبو الخير: ذهبت وعدد من سكان الحي إلى شركة المياه الوطنية لنطالب بإعادة إمدادات المياه لوضعها الطبيعي ونشعرهم بما نعانيه، وذلك بعد ما اتصلنا على الرقم المجاني أكثر من مرة، والذي دائما يكون مشغولا طوال الوقت، وذكر لنا المسؤول عن إمداد المياه لأحياء شرق الخط السريع أن سبب شح المياه وتأخرها عائد إلى قيام الشركة بأعمال تطوير وصيانة في محطات جدة، واخبرنا أن أفضل وقت للقيام بأعمال الصيانة هو بعد انقضاء موسم الحج لأنه يوافق فصل الشتاء ويقل استهلاك المواطنين للمياه، ووعدنا بأن عملية الضخ ستعود لوضعها الطبيعي وبشكل أفضل خلال ال 72 ساعة المقبلة، ولكننا انتظرنا أكثر من 15 يوما ولا مانع لدينا من انتظار 3 أيام أخرى، وبعد ذلك إذا لم ينفذ المسؤول وعده لن يكون لعذره أي معنى لدينا، وسوف نسلك منحى آخر للحصول على المياه التي هي حق مشروع لنا وليست تكرمًا من أحد. ويضيف: للامانة لنا فترة طويلة لم نعان من شح المياه في هذا الحي، لكن شهر ذي الحجة دائمًا ما يكون شحيحيًا علينا في المياه، ومنذ 15 يوما ونحن نتحمل طوابير الانتظار للحصول على وايت، وحين يأتي دورنا لا نجد مياها كافية لسد حاجتنا في الأشياب، مما يضطرنا للعودة مرة أخرى. 10 ساعات للحصول على وايت وعبر عدد من سكان أحياء (كيلو 11، المنتزهات وقويزة) عن استيائهم الشديد مما يعانونه للحصول على المياه خصوصًا أنها لا تصلهم، بل يذهبون إليها في الأشياب لجلبها وينتظرون ساعات طوال دورهم في التوزيع، ويفاجأ عدد منهم بعد انتظار يزيد على العشر ساعات بعدم وجود مياه في الأشياب تكفي لتغطية احتياجاتهم. وأجمعوا على أن شهر ذي الحجة دائمًا تحدث أزمة مياه، مؤيدين بذلك ما ذكره سكان حي النخيل والسليمانية الشرقية. متى تنتهي المهزلة؟ ضيف الله السلمي تحدث عن ذلك قائلًا: يجب حل مشكلة المياه والانتظار الطويل للحصول عليها، منذ زمن ونحن نسمع عن وعود بحلول عاجلة، وعن لجان لإنهاء المشكلة في جدة عامة، ومع ذلك لم نر شيئا على أرض الواقع، والحال على ما هو عليه منذ عشرين سنة، نتطلع لأن يضع المسؤولون حدا لهذه المهزلة، يجب أن يعي القائمون على شركة المياه أنهم لا يقدمون لنا خدمة تكرمًا منهم وتفضلًا، إنما هو واجب عليهم وأمانة في أعناقهم أمام الله وأمام الملك وشعبه، خصوصًا أن الدولة لم تذخر جهدًا في سبيل راحة المواطنين، لكن هناك مسؤولين تنفيذيين يعيقون تقديم هذه الخدمات لغرض ما في نفوسهم، وأقرب مثل لذلك اصطفاف المواطنين في طوابير تمتد إلى 10 ساعات وأكثر للحصول على وايت، وأنا عن نفسي انتظرت دوري للحصول على وايت من الثالثة عصرا إلى الثالثة صباحًا أي حوالي 12 ساعة، لأفاجأ بأن كمية المياه في الأشياب لا تسمح بأخذ الكمية التي أريدها!!، لذلك اضطررت لأخذ كمية أقل لا تغطي حاجتي كاملة لإعطاء مجال لمواطن آخر، وعندما ذهبت للشركة في اليوم التالي لكي أشتكي للمدير فوجئت بتعامل غير إيجابي من قبله، غير أنه عاد ووعدني بأن المشكلة ستحل قبل نهاية هذا الأسبوع، وسوف ننتظر لنرى. الوعود أسطوانة قديمة ويؤكد كل من علي الزهراني وعبدالله الزهراني أن المشكلة سوف تستمر رغم وعود المسؤولين بحلها خلال هذا الأسبوع، كونهم يكررون أسطوانة قديمة -على حد قولهم-. وأضاف علي الزهراني: أنا متأكد بأن كل التطمينات التي يصدرها مسؤولو شركة المياه لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع، ولقد سمعنا هذ الكلام في أكثر من مناسبة، ولو سألت أي شخص من سكان جدة سيخبرك كم عدد الوعود التي قطعها مسؤولو مياه جدة، وآخر مرة كانت عام 2008 م عندما تحدثوا عن وصول محطة تحلية متنقلة للمساعدة في ضخ المياه لمدينة جدة، وأنها ستنهي المشكلة حيث ستساهم في ضخ 900 طن يوميًا (على حسب ما أذكر قرأته في الصحف خلال تلك الفترة وقطعوا وعودًا بذلك أمام الملأ بأن عام 2012 م سوف تنتهي مشكلة المياه نهائيًا في جدة، لكن إلى هذه اللحظة الحال من سيء إلى أسوأ كما ترون، لكن إلى الله المشتكى. الشركة اكتفت برصد المخالفات أما عبدالله الزهراني فيقول: وقت حاجتنا لمسؤولي شركة المياه ومطالبتنا لهم بتوفير وتوصيل المياه لنا يماطلون ويتأخرون، لكن حين يريدون رصد المخالفات تراهم يجتهدون ويبدعون وحتى يفترون وهذا الدليل لدي (ورقة مخالفة رصدتها فرق شركة المياه) بحجة تسرب مياه من الخزان، وهي ليست مياه خزان إنما مياه مكيفات تنزل تلقائيًا فوق مكان الخزان فيظهر مبتلًا، ومع ذلك لم يكلف المراقب نفسه بالوقوف والتحقق، إنما رصد وجود مياه في هذا المكان دون ملاحظة مصدرها، لكني لم أتنازل عن حقي وذهبت إليهم واعترضت أكثر من مرة حتى تم إلغاء المخالفة. مزايدة على الوايتات «المدينة» رصدت الوضع في محطة شرق الخط السريع صباحًا والتقت عددا من المراجعين الذين أبدوا تفاؤلهم بانفراج الأزمة وفقا لتصريحات مسؤولي شركة المياه. صالح الزهراني من سكان حي الحرازات تحدث قائلًا: نحن من الأساس لا توجد لدينا شبكة مياه في الحي، وقد طالبنا مرارًا وتكرارًا بذلك لكن لم نجد آذانًا صاغية، ونعاني من مشكلة الحصول على وايت ودائمًا في أيام الأزمات ندفع مبالغ باهظة للحصول عليه حيث نجد مزايدة عليها يبدأها المشغل لها، وتنتهي بين المواطنين المحتاجين، وتحدث في احيان كثيرة مشاكل بينهم بسبب هذه المزايدة، لذلك نحن نطالب بتنظيم أكثر لعملية الحصول على وايت إذا لم يتم توصيل المياه لنا. هاتف البلاغات أخرس ويؤكد سعود السلمي من سكان الروابي: لدينا انقطاع للمياه مستمر منذ 12 يوما، وهي مشكلة متكررة، لذلك أنا مضطر لجلب وايت لسد احتياج أسرتي للمياه، وأنتظر دوري حتى هذه اللحظة بما يزيد عن ساعتين لوصول رقمي، لكن لدي سؤال المسؤولين في شركة المياه (لماذا تضعون رقما مجانيا للبلاغات وأنتم لا تجيبون عليه من الأصل، وفي أكثر الأوقات مشغول؟، هل يعقل ألا يكون لديهم عدد كاف من الموظفين للرد على البلاغات الواردة؟). العساف: آلية محددة لضبط المخالفات وللمتظلم حق الاعتراض بدوره قال مدير وحدة الأعمال بشركة المياه الوطنية بجدة المهندس عبدالله العساف ل «المدينة»: الموضوع مسألة وقت فقط ليس إلا، وكل المشكلة تحتاج إلى إعادة برمجة النظام وإعادته إلى نظام التشغيل المتبع قبل شهرين ونصف، وعندها سوف تنتهي المشكلة بإذن الله خلال أسبوع أو عشرة أيام. وأضاف: أما في ما يتعلق بالمخالفات، فهي من الأساس وضعت لحفظ المياه من الإهدار باعتبارها ملكا للمواطن، وبذلك نحن نحافظ على حقه المشروع، وفي حال وجود أي اعتراض على مخالفة معينة يأتي المواطن إلى خدمة العملاء ويشرح موقفه واعتراضه وفورًا يراجع الموظف صور الموقع الذي رصدت به المخالفة، وإذا له حق يعاد لصاحبه، مع العلم أن فرق الشركة لا ترصد مخالفة دون تصويرها وإثباتها وفق آلية محددة وضوابط وهي مخالفات متعددة الأشكال والفروع، لكن كلها في نهاية الأمر لحفظ المياه لنا وللأجيال المقبلة في بلادنا الغالية.