خطت الإدارة العامة للأحوال المدنية خطوات جيّدة في سبيل تسهيل أمور المواطن، واستخدمت الحاسب الآلي لحجز المواعيد لإنجاز الإجراء المطلوب في أسرع وقت ممكن. والخطوة الأهم هي فك الارتباط بعملية تسديد الغرامات المترتبة على المواطن، ولا شك أن في ذلك تسهيلاً كبيراً للمواطن الذي ربما تراكمت عليه المخالفات - بعد وصولها للحد الأعلى - وهذا ناتج عن النظام العجيب الذي اتخذه ساهر، برغم إبداء الكثير من العلماء والفقهاء التحفظ الشديد عليه يتقدمهم سماحة المفتي العام. وقبل كتابة هذا المقال هاتفت مسؤولاً كبيراً، لسؤاله عن صحة ما نُشر مؤخراً من أن المواطن الذي تتراكم عليه هذه المخالفات فإنه يمكنه الذهاب إلى إدارة المرور لإعادتها إلى الحد الأدنى، فنفى ذلك جملة وتفصيلاً، والمضحك المبكي أن الشخص الذي كنت أروم الشفاعة له كان عليه مبلغاً يصل إلى اثني عشر ألف ريال، فأقسم لي ذلك المسؤول أنه مرّ عليه شخص يملك عدة سيارات وأن مجموع ما عليه من مخالفات بلغ سبعين ألف ريال! وهنا تذكرت ما قامت به الأحوال المدنية من إجراء، فالمواطن له أن يضيف أبناءه ويستخرج لهم البطاقات الوطنية ويقوم بما شاء من إجراءات في الأحوال المدنية بغض النظر عن هذه المخالفات. وهنا أضع قضية مواطن أراد علاج والدته في الخارج، وبعد أن استخرج لها بطاقة هوية وطنية، احتاج إلى جواز سفر له ولها، فأُخبر أن عليه سداد المخالفات أولا، في مفارقة واضحة بين الحالتين. وأتمنى من المديرية العامة للجوازات إعادة النظر في هذا الإجراء، وأقصد به منع المواطن من استخراج أو تجديد جواز السفر إلا بعد تسديد كل ما عليه من غرامات، وهذا مطلب المواطن. ويعود السبب وراء هذه المطالبة - في تصوري - إلى حاجة المواطن للسفر إلى درجة يصبح أحياناً ضرورة مُلحّة لا غنى عنها؛ كالذهاب للعلاج أو المرافقة مع موليته المبتعثة، أو غيرهما من الأسباب التي يحتاج المواطن فيها إلى جواز السفر. والمخالفات لها من اسمها نصيب، فهي مرورية، ويفترض حصرها في الإجراءات المتعلقة بإدارة المرور، فلا يُمكَّن الشخص من تجديد رخصة قيادته أو استمارة سيارته، وهو ما يعرف برخصة السير للمركبة، إلا بعد تسديد كامل المخالفات المرورية المترتبة على شخصه أو مركبته العائدة له. أما أن تصل المسألة إلى تعميم ذلك فهو إجراء يحتاج - في تصوري - إلى دراسة وإعادة نظر، فمن غير المعقول أن نمنع إنساناً من السفر بسبب وجود مخالفات مرورية؛ إذ هي ليست جرماً يترتب عليه فرض الإقامة الجبرية، فإما أن يُسدِّد كامل ما عليه أو أن يبقى حبيس مكانه. إن المرجو من المديرية العامة للجوازات إعادة النظر في إجراءات استخراج جواز السفر وفك ارتباطه بتسديد المخالفات المرورية، فالناس يكونون أحياناً في أمس الحاجة للسفر للخارج، ولربما أجبرتهم الظروف على ذلك، وحتى إن رأت المديرية إبقاء ربط المخالفات المرورية بالإجراءات المتعلقة باستخراج الإقامات أو تجديدها بالنسبة للمكفولين فهذا ربما يكون أهون على المواطن، والقصة التي أوردتها في بداية مقالي تؤكد للجميع ذلك. فهل تقوم المديرية العامة للجوازات مشكورة بمراجعة هذه النقطة تحديداً، وتتراجع عنها؟! عام هجري جديد يطيب لي أن أزف أجمل التهاني وأطيب الأماني للقراء الكرام وللمسلمين عموما بمناسبة العام الهجري الجديد 1433ه والذي ستبزغ شمسه بمشيئة الله غدا (بحسب تقويم أم القرى)، متمنياً للجميع عاماً سعيداً وعمراً مديداً وعيشاً حميداً، كما ابتهل إلى المولى جلَّت قدرته أن يجعله عام عز وتمكين للإسلام والمسلمين بصلاح شأنهم واستتباب أمنهم وأمانهم، إنه سميع مجيب.