خالد عباس طاشكندي - المدينة السعودية «مَن يرتكب خطأً ولا يُصحّحه، يرتكب خطأً آخر» (كونفوشيوس، 479 ق.م – 551 ق.م). قبل خمس سنوات، نشرت (الوطن) في عددها رقم 2370 بتاريخ 27 مارس 2007 تقريرًا استقصائيًّا بعنوان: «أخطاء بالجملة في المخالفات المرورية، والمتضررون حائرون»، وتطرّق التقرير إلى قضية القسائم المرورية الخاطئة التي تُرصد على المواطنين، حيث قد يُفاجأ المواطنون عند مراجعة إدارة الجوازات -على سبيل المثال- أنه يتعيّن عليهم سداد مخالفات مرورية مُسجّلة بأسمائهم، على الرغم أنهم لم يرتكبوها، وبعد التقصّي والاستعلام يكتشفون أنها سُجّلت عن طريق رجال المرور، ربما بالخطأ، وربما عمدًا؛ بهدف «التخلّص من دفتر القسائم بأسرع وقت»، بحسب ما جاء في التقرير. ومن ضمن التقرير، أُجريت مقابلات مع عدد من المواطنين المتضررين، والذين أجزموا بأن هذه المخالفات مُنحت لهم ظلمًا بغير وجه حق، مُطالبين مسؤولي إدارة المرور بضرورة وضع حد لهذه القضية، حيث ذكر أحد المتضررين أنه اكتشف أثناء إجراءات استخراج استمارة سيارة اشتراها حديثًا بأن عليه مخالفة عدم تجديد رخصة القيادة، على الرغم من أن رخصته سارية المفعول، وعند مراجعة المرور لرفع شكوى اصطدم بإجراءات معقّدة، لم يستطع بسببها استخراج بيانات القسيمة، وفوجئ مواطن آخر (عبداللطيف الزهراني) بقسيمة مخالفة قطع إشارة المرور في مدينة بريدة التي لم يزرها في حياته، متّهمًا بعض رجال المرور بأنهم يريدون التخلّص من دفتر القسائم الذي بحوزتهم بتوزيع المخالفات على الناس دون وجه حق، وفي شكوى أخرى، ذكر المواطن إسماعيل الغامدي أنه حصل على مخالفة بوصفه سائق شاحنة؛ على الرغم من أنه لا يملك رخصة عمومي، أمّا خالد العمري فقد تفاجأ أثناء مراجعة إدارة الجوازات أن زوجته مسجّل ضدها عدة مخالفات مرورية!! وحسب ما جاء في آخر التقرير، أقر رئيس قسم الحاسب الآلي بإدارة مرور جدة المقدم محمد المقبل بوجود تلك الأخطاء التي قد تحدث من بعض مدخلي البيانات، ووضّح اللّبس حول المخالفات المرورية على بعض النساء بأن المركبة قد تكون مسجّلة باسم امرأة، وأضاف بأنه في حال رصد أي خطأ من قِبل المواطنين، فإن الإجراء المتبع يتمثل في مخاطبة قسم المرور في المدينة التي سجلت فيها المركبة، فإن كانت المخالفة صحيحة يتم تسجيلها باسم من ارتكب المخالفة فعلاً، وإن لم تكن صحيحة يقدّم خطابًا لدى القسم، ومن ثم يقوم العاملون بقسم الحاسب بإسقاط المخالفة. ولقد مضى خمس سنوات على نشر ذلك التقرير عن «ظاهرة» المخالفات، أو القسائم المرورية الخاطئة، ومازالت السيناريوهات المتشابهة تتكرر، وأعداد الضحايا في ازدياد دون أن نلمس أي ردة فعل مغايرة من قِبَل المسؤولين في المرور لإنهاء المشكلة من جذورها. الصحف المحلية دأبت على رصد وعرض هذه القضايا بشكل مستمر منذ عدة أعوام حتى أصبحت بعض المخالفات الغريبة محل تندّر وقفشات للعامة، وأذكر من ضمنها ما نشرته (عكاظ) في 31 مايو 2010 عن حصول مشعل الوابل -وهو شاب «كفيف» من مدينة الرياض، ولم يمتلك أي مركبة في حياته- على أربع مخالفات مرورية في مدينة مكةالمكرمة، بقيمة 2,500 ريال، وقد اكتشف أمر هذه المخالفات أثناء زيارته لإدارة الجوازات بالرياض، والتي أبلغته: «سدّد مخالفاتك المرورية أولاً، ونصدر لك جواز سفر»، وبعد ثلاثة أسابيع من تقديم طلبه بإسقاط المخالفات عن طريق مرور الرياض لم يحدث شيء، وبناءً على ذلك طالب المتحدث باسم مرور العاصمة المقدسة من المواطن «الكفيف» تقديم اعتراضه مباشرة إلى مرور مكةالمكرمة!! وحتى «الخادمات» لم يسلمن من الحصول على مخالفات مرورية، حيث اضطر أحد المواطنين من محافظة رنية تسديد مخالفة سرعة بقيمة 300 ريال سجّلت ضد خادمته (داني رامسين)، واضطر إلى تسديد المبلغ حتى لا يقع في غرامات مالية لتأخره في ترحيل خادمته، وذلك بحسب ما نشرته (المدينة) بتاريخ 1 مارس 2010. الموضوع لم ينتهِ بعد، فقد حَرَمَت مُؤخّرًا مخالفة «قطع إشارة» سُجِّلت ضد عروس -لا تمتلك أي مركبة- من قضاء شهر العسل مع شريك عمرها، وحسب الخبر الذي نشرته (اليوم) بتاريخ 1 يناير 2012، لم يستطع العريس مقابلة مدير مرور الشرقية، وطالبه مدير مكتبه بكتابة «معروض» وتركه حتى يتسنى مخاطبة الجهات المسؤولة، ولم يجد بعدها مفرًا من تسديد المخالفة حتى لا يضطر للانتظار عدة أشهر بحسب نصيحة رجل مرور!! لذلك.. لا أعتقد أن إدارات المرور لديها مسوغ لهذه المخالفات، والتي لا مفر للمواطن من تسديدها؛ لأنه لن يستطيع كسر الحواجز البيروقراطية للإجراءات، والخوف أنه لم يعد هناك فائدة من نشر هذه الأمثلة المؤسفة التي باتت مثار تندّر العامّة.