ودعت «منى» أمس بالدموع أكثر من مليوني حاج بعد أن أتموا مناسك حجهم وقرروا التعجل متوجهين إلى بيت الله الحرام لأداء طواف الوداع والشروع في رحلة العودة إلى بلدانهم بعد أن منّ الله عليهم بأداء الركن الخامس من أركان الإسلام في أجواء من الراحة والطمأنينة. وتبدو «منى» التي تحولت خلال الأيام الماضية إلى مدينة عصرية بها كل مقومات الحياة الحديثة أكثر حزناً بعد أن غادرها ساكنوها. وبدت «منى» أمس حزينة وهي تودع حوالى 75% من حجاجها فيما يتبقى لقضاء جميع أيام التشريق الثلاثة قرابة 600 ألف حاج أغلبهم من دول شرق آسيا. و»منى» التي يطلق عليها مدينة الأيام الخمسة عبارة عن وادٍ يبعد عن شرق مكةالمكرمة بحوالى خمس كيلومترات، تقع في الطريق بين مكة وجبل عرفة. ويقيم بها الحجاج يوم الثامن من ذي الحجة لقضاء يوم التروية ثم يغادرونها في اليوم التاسع للوقوف بصعيد عرفة ثم يعودون إليها مروراً بمزدلفة فجر يوم النحر لرمي الجمرة الكبرى ويبقون بها أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمار إلَّا من تعجل فيغادرها في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة. وحرصاً من حكومة المملكة على توفير الأمن والسلامة والراحة لضيوف بيت الله الحرام قامت بتنفيذ مشروع الخيام المطورة بمشعر منى بديلاً عن الخيام التقليدية التي كان يستخدمها الحجاج في المشاعر المقدسة. وتستوعب هذه الخيام قرابة 1.3 مليون حج فيما تحتضن هذه المدينة الحبيبة إلى القلوب أكثر من 3 ملايين حاج وتبلغ مساحة مخيمات منى 2.5 مليون م2. وقد روعي في اختيار المادة المستخدمة في تصنيع الخيام أن تكون مقاومتها عالية للاشتعال ولا تنبعث منها غازات سامة علاوة على اختيار شكل الخيام ليكون ملائما للطابع الإسلامي إلى جانب تقسيم كل قطعة أرض بمنى إلى عدة مخيمات تحدها أسوار ومرتبطة بواسطة ممرات متناسقة مرصوفة ومنارة ومزودة بإشارات تدل على مجموعات الخيام ومخارج الطوارئ، وفي وسط كل مخيم توجد مجموعة من دورات المياه والمواضئ. كما تم تزويد المخيمات بالمكيفات الصحراوية والإنارة الداخلية، بالإضافة إلى تزويد الخيمة بمأخذ للطاقة الكهربائية،وقد صممت الخيام بحيث لا تتسرب مياه الأمطار إلى داخلها ويتم تصريفها إلى مجاري المياه. كما تحتضن «منى» من المشاريع العملاقة جسر الجمرات الذي يوفر طاقة استيعابية لرمي 300 ألف حاج في الساعة وتبلغ تكلفته 6.5 مليار ريال. وقد حدّ المشروع إلى حدٍّ بعيد من مشاكل الزحام وحوادث التدافع، أما مشروع قطار المشاعر فقد دخل الخدمة بكامل طاقته هذا العام لينقل أكثر من نصف مليون حاج في 6 ساعات فقط.