هنيئا لكم يا من لبيتم دعوة الله لأداء مشاعر الحج الركن الخامس من الإسلام، هنيئا لكم الوقوف بعرفات الله يوم الحج الأكبر، ليباهي بكم الله ملائكته، ويشهدهم بأنه قد غفر لكم، هنيئا لكم بأن سهل الله لكم السبّل للوصول إلى بيت الله العتيق، والوقوف في هذا المشهد العظيم، وأنتم في راحة وطمأنينة وأمن وأمان، هنيئا لكم وأنتم وقوف في عرفات الله في لباس ذي لون واحد، يدلل على الطهر والنقاء وصفاء القلوب، لا فرق بين عربي وعجمي، وأبيض وأسود، الكل في شعار واحد، ولسان ذاكر، واقفين، خاشعين، متذللين، منيبين، طائعين، قاصدين رباً كريما، ملبين، مهللين ومكبرين ترجون رحمة الله وتخافون عذابه. رافعين أصواتكم ولسان حالكم يقول وهو بكم عليم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. لبيتم النداء وجئتم من كل فج عميق، قاصدين بيت الله العتيق، تركتم الغالي والنفيس، المال والأهل والولد، وأقبلتم على الله، فسعد الله بلقائكم، وباهى بكم ملائكته، وتقبل حجكم، وشكر سعيكم، وغفر ذنبكم، وستر عيبكم، وتقبل دعاءكم، وأجزل لكم المثوبة والعطاء، بعد أن منّ عليكم بالوقوف في المشعر الحرام، وأنتم في أمن وأمان، بعد أن قيض الله لكم حكومة راشدة تعمل كل ما في وسعها، وتسخّر كل طاقاتها وإمكاناتها، لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتبذل الغالي والنفيس، حتى يؤدي كل حاج فرائض النسك وهو في راحة وطمأنينة حيث « لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج»، كما بشّركم بذلك حبيبكم ونبيكم الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم – حيث قال: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» وقوله – صلى الله عليه وسلم – من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه». يا حجاج بيت الله الحرام، وضيوف الرحمن، تقبل الله حجكم، وشكر الله سعيكم، وغفر الله ذنبكم، وأعادكم إلى دياركم سالمين غانمين، بعد أن تنعموا بزيارة أحب البقاع إلى الله للتشرف بالسلام على سيد الأولين والآخرين، وقائد الغر المحجّلين، وحبيب رب العالمين، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحابته الغّر الميامين، وأهل البقيع، وشهداء أُحد رضوان الله عليهم أجمعين، والصلاة في روضته الشريفة، وفي مسجده الشريف حيث تعدل الصلاة فيه ألف صلاة فيما سواه. ونحن تلهج ألسنتنا بالدعاء لكل من ساهم، وشارك، وساعد، في خدمة ضيوف الرحمن من الرجال والنساء، في الوزارات، والإدارات، والمؤسسات، والهيئات، ورجال الأمن، والكشافة، والطلاب، ولكل من يقدم خدمات جليلة من أبناء مكةالمكرمة الأخيار، وأبناء طيبة الطيبة الأبرار، ولكل مواطن ومقيم يعمل بجد وإخلاص في خدمة ضيوف الرحمن، وعلى رأس هؤلاء جميعا قائد هذه المسيرة والمشرف العام على خدمة الحجيج خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، ولكل صغير وكبير في هذه الدولة يهتم برعاية وشؤون الحجاج، ولقادة هذه الدولة الكريمة التي لا يهدأ لها بال حتى يغادر آخر حاج إلى بلاده وهو في أحسن حال. وفق الله الجميع لما يحب ويرضي.