وداعاً ضيوف الرحمن يا من حللتم أهلا في المسجد الحرام، ونزلتم سهلا في رحاب زمزم والمقام، والمشاعر العظام، وفي حرم أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين، وداعاً يا من أتيتم تبتغون فضلاً من الله ورضوانا، وداعاً يا من لبيتم دعوة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام، (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الحج27 فارتفعت أصواتكم (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، وداعاً يا من أديتم فريضة ربكم سبحانه وتعالى، حيث قال عز من قائل: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران97. وداعاً يا من امتثلتم لتعاليم نبيكم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (خذوا عني مناسككم)، وداعا يا من بين لكم الله عز وجل الحج فقال: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ في الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) البقرة197، وداعاً وأنتم تعودون من حيث أتيتم، فرحين غانمين سعداء، وداعاً ضيوف الرحمن، وداعاً وفد الله، يا من لبيتم وهللتم وكبرتم وحمدتم الله على ما هداكم ورزقكم من بهية الأنعام، وداعاً يا من وقفتم على صعيد عرفات ترجون رحمة الله وتطلبون مغفرته، وقد غفر الله لكم يقينا وصدقاً، وأشهد ملائكته على ذلك، فقال سبحانه: (اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت لهم) فهنيئاً لكم هذا العطاء الجزيل من رب رحيم غفور جليل عظيم، هنيئا لكم طوافكم حول البيت العتيق، وسعيكم بين الصفا والمروة، هنيئاً لكم تقبيل الحجر الأسود والصلاة خلف المقام، هنيئاً لكم صلاتكم بالمسجد الحرام، ووقوفكم بعرفات وإفاضتكم إلى المشعر الحرام ورميكم للجمرات، وداعا وقد غسلتم ذنوبكم ورجعتم كيوم ولدتكم أمهاتكم، وداعا يا من ملأتم السهل والجبل، يحدوكم الحب والعشق والأمل، وداعا وقد رجعتم وقد امتلأت قلوبكم بالهداية، وحملتم لذويكم وأقاربكم وأصدقائكم الهدايا، وداعاً وقد صحبتكم الفرحة والسعادة بعد أن أديتم مناسككم، في رحلة العمر التي بها حلمتم، ولها رجوتم، فحقق الله بها أمانيكم، وداعا يا من أتيتم من كل حدب وصوب، رجالاً وركباناً، صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً، أغنياء وفقراء ، وقفتم وقفة واحدة في مكان واحد وفي زمن واحد، لا فرق فيه بين عربي ولا عجمي ولا أسود وأبيض إلا بالتقوى، وداعا يعقبه لقاء إن شاء الله، وأعظم لقاء لنا عندما نجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم على الحوض لنشرب من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا، وداعا ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام، عسى الله أن يجمعنا بكم جميعاً في مستقر رحمته في الفردوس الأعلى من الجنة...ويا أمان الخائفين.