صرّح وزير المالية اللبناني غازي وزني الجمعة في مقابلة مع وكالة فرانس برس بأن بلاده مستعدة لتلبية طلب صندوق النقد الدولي بتعويم سعر صرف الليرة لكن بعد تلقيها الدعم الخارجي، على أن يُعتمد في المرحلة المقبلة سعر صرف مرن. وبدأت الحكومة الأربعاء أولى جلسات التفاوض رسمياً مع صندوق النقد الدولي، بعد إقرارها خطة إصلاحية تأمل عبرها الحصول على دعم خارجي يقدّر بأكثر من عشرين مليار دولار للخروج من دوامة إنهيار اقتصادي متسارع جعل قرابة نصف السكان تحت خط الفقر. وقال وزني "يطالب صندوق النقد دائماً بتحرير سعر صرف الليرة. هم يريدون توحيد أسعار الصرف والتعويم، لكن الحكومة اللبنانية طلبت مرحلة انتقالية تمر بسعر الصرف المرن قبل أن نصل إلى التعويم". وأضاف "علينا تعديل سياسة التثبيت إلى سياسة سعر الصرف المرن في مرحلة أولى وعلى المدى المنظور، وحين يصلنا الدعم المالي من الخارج ننتقل إلى التعويم". وتخشى الحكومة، وفق وزني من تبعات عدة للتعويم الفوري بينها "التدهور الكبير في سعر صرف الليرة"، التي تجاوزت عتبة الأربعة آلاف مقابل الدولار في السوق السوداء بينما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات. وتقوم سياسية سعر الصرف المرن وفق ما يشرح وزني "على ارتفاع تدريجي لسعر الدولار" مقابل الليرة، في خطوة تستوجب "التنسيق بين الحكومة ومصرف لبنان". والأزمة الاقتصادية الحالية تُعد الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، وهي وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية وترهل المرافق العامة واستشراء الفساد في المؤسسات العامة. ويتزامن الانهيار الاقتصادي مع أزمة سيولة حادة وشحّ في الدولار منذ الصيف الماضي. وانعكس ذلك على تراجع القدرة الشرائية للبنانيين إلى حد كبير وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 55 في المئة، بحسب تقديرات رسمية. ويعتمد لبنان في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي على خطة تقشفية، أقرتها الحكومة نهاية الشهر الماضي وتمتد على خمس سنوات. وتقترح إصلاحات على مستويات عدة بينها السياسة المالية وميزان المدفوعات والبنى التحتية، وإعادة هيكلة للديون والمصارف. وفي ما يتعلق بإعادة هيكلة المصارف، قال وزني إنها "ستتم خطوة بخطوة"، متحدثاً عن "خيارات عدة مطروحة للمعالجة بينها الدمج وهو أمر طبيعي". وقال "في لبنان 49 مصرفاً تجارياً، ومن الطبيعي أن ينخفض عددها إلى نحو النصف في المرحلة المقبلة". وأقرت الحكومة خطتها بعد أشهر من خروج اللبنانيين إلى الشوارع ناقمين على الطبقة السياسية التي يحملونها مسؤولية الفساد والفشل في معالجة الأزمات. ويرزح لبنان تحت عبء دين عام يُعادل أكثر من 170 في المئة من ناتجه المحلّي، وبذلك يُعدّ من أكثر الدول مديونيّة في العالم.