* المتابع لإفرازات الإنترنت وبرامجها التفاعلية المختلفة في ساحتنا وفي ثنايا مجتمعنا، سيجد -مع التقدير لكل الفضلاء والمحترمين- أن هناك مجموعة مِن المشاهير في مواقع التواصل ك(سناب شات، واليوتيوب، وانستقرام والتويتر) لا يملكون حقيقةً (أيَّ شيء) بل هم مِن سَقْطِ المَتَاع، ومع ذلك يتابعهم ويلهثُ وراءهم مئات الألوف من الناس، وتتنافس عليهم شركات الدعاية! * أولئك فريقُ منها يمتلك بعض الطّاقَات؛ ولكن فَرِّغَوها سلبياً بحثاً عن لَفْتِ الأنظار؛ فأدواتهم وبضاعتهم (التهريج، والمقاطع الشامتة بالغير، أو المستهزئة بهم، وأحياناً السخرية من أبناء القبائل والمناطق، وبعض العادات والقِيَم، وحتى الوصول لمحطة النّيْل من المُسَلّمَات والثوابت الدينية والوطنية)؛ لما يتصفون به من جهل بالواقع والعَواقِب؛ ولِمَا وجدوه من مساحة واهتمام!. * بعض أولئك أصبحوا يُنَظّرِون ويُحلّلون، ويزعمون أنهم بتفاهاتهم يقدمون الدروس والنظريات والنصائح التربوية، والخطير هنا أن مِنهم مَن غَدا وأمسى رمزاً وقدوة يؤثر بالناشئة، يبحثون عنه ويُطَاردونه أَنَّى ذَهَب؛ فلا أنسى مشهد الكثافة الجماهيرية التي حضرتْ ذات مساء في معرض الرياض الدولي للكتاب العام الماضي عندما زاره أحد أولئك، وكان قد أعلن عن موعد زيارته لمُتَابعيه!. * وهنا السماح بانتشار تلك (الثقافة المهترئة)، والترويج لها ولخطابها (السّمِج والفاسد أحياناً)، وكذا قيام بعض الجهات بتقديم مشاهيرها في الصفوف الأولى من فعالياتها وسَفرِيَّاتها في حين يغيب عنها العلماء والمثقفون، وكذا رعاية المؤسسات الخاصة لهم طلباً للإعلان التجاري، كل ذلك يُهدّد لُغَة وسُلوكيات شبابنا من الجِنْسَين؛ فطائفة من أولئك لم يكتفوا بالتفاهة بل مارسوا النصب والاحتيال بحثاً عن المال، ومنهم الذي سقط في ممارسات غير أخلاقية وصلت لأقسام الشرطة ومكاتب النيابة العامة، وما خفي أعظم! * ولذا لابد من حملة مشابهة لتلك التي تدور رحاها في أمريكا وأوروبا للحَدّ من سيطرة (حمقى المشاهير) على عقول وقلوب أبنائنا؛ وتلك أراها من الناحية الرسمية «مسئولية وزارة الإعلام» في قسمها المشرف على التقنية، وكذلك المؤسسات والمنابر التربوية والدعوِيَّة، كما أنّ على المتخصصين من علماء الاجتماع أن يَدرسوا تلك الظاهرة ويُحَلِّلوها، ثم يضعوا خطة مُمَنهجة لمواجهتها؛ أما أهم الأسلحة لمواجهتها فَوَعْيُنَا بخطورتها، وتوقفنا التام عَن صناعتها بالمتابعة المسئولة التي تطرد التافهين؛ فهل يكون شهر رمضان المبارك محطة البداية؟.