انتقد الدكتور فواز بن علي الدهاس، مدير عام مركز تاريخ مكةالمكرمة، جرأة غير المتخصصين في الحديث عن مكةالمكرمة وتاريخها، مشيرة إلى أن هذا المجال أصبح «صنعة من لاصنعة له»، مبينًا أن «المركز» تصدى بالرد على الأشياء التي تتعارض مع الواقع التاريخي لهذه المدينة المقدسة. وأحصى «الدهاس» (8) أهداف لمركز تاريخ مكةالمكرمة في سعيه نحو الحفاظ وتوثيق تاريخ هذه المدينة المقدسة، تنفيذًا لتوجيهات القيادة الرشيدة التي تولي اهتمامًا متعاظمًا بمكةالمكرمة وتاريخها العريق.. «الدهاس» كشف ل»المدينة»عن دوافع إنشاء المركز، ورؤيته، وأهدافه، وما أنجزه خلال الفترة السابقة، وأبرز إصداراته، ومشروعاته المستقبلية، في سياق هذا الحوار: عناية وتوثيق •• ما هي دوافع إنشاء مركز تاريخ مكةالمكرمة؟ إن أهمية مكةالمكرمة تعطيها تميزًا متفرّدًا عن بقية مدن العالم الإسلامي، ولهذه المدينة مكانة قوية، وارتباط بالإرث الحضاري للإسلام والمسلمين في بقاع الدنيا، ولهذا اهتمت حكومة خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز تاريخي توثيقي لهذه المدينة المقدسة، ولا غرابة في ذلك؛ لأن هذا المركز أحد فروع دارة الملك عبدالعزيز التي تحظي بعناية خاصة واهتمام من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو كما نسميه دائمًا ب»شيخ المؤرخين»؛ وهو عند المؤرخين أفضل من يتحدث عن تاريخ مكةالمكرمة والجزيرة العربية، فهو يهتم بتاريخ الجزيرة العربية عامة والمملكة العربية السعودية خاصة، فجاء اهتمامه - حفظه الله - بأن يكون لمكةالمكرمة مركز يعنى بتاريخها، فأنشأ المركز في مكةالمكرمة بقرار صدر من مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز في شهر صفر عام 1429ه على أن يكون أعضاؤه من المسؤولين والمتخصصين ذوي العلاقة. تصدي ومنافحة •• أي دور للمركز في التصدي لمن يكتبون عن مكة دون علم أو دراية؟ مع الأسف الشديد أصبح الحديث عن مكة وعن تاريخ مكةالمكرمة صنعة من لا صنعة له، كثير من الناس تركوا تخصصاتهم الرئيسية لأنه ليس لديهم ما يقدمونه في هذه الدراسات، واتجهوا لدارسات مكةالمكرمة بدون علم ولا فهم، لأن الدراسات المكية أصبحت جاذبة، ولهذا توجه إليها غير المتخصصين، ولهذا نحن نراقب الساحة ونحاول أن نرد على الأشياء التي تتعارض مع الواقع التاريخي لهذه المدينة المقدسة، مثل ما أثير مؤخرًا عن بئر طوى، وأن الموقع الحالي ليس الموقع الصحيح، ولذلك تصدينا لهذا الكلام، وأكدنا للباحثين والمهتمين والناس أن موقع بئر طوى الحالي في حي جرول صحيح، ونحاول أن نعقب على ما نراه يحتاج إلى تعقيب. انتقائية في الاختيار •• ما مدى استفادة المركز من الباحثين في الجامعات السعودية وغيرها؟ يحرص مركز تاريخ مكةالمكرمة على اختيار العلماء المتخصصين والباحثين المشهود لهم بالجد والأصالة ضمن كوكبة أعضاء مجلس الإدارة، لتوخي أفضل النتائج، وتحقيق أعلى درجات العمل المتكامل والشمولي. إصدارات بارزة •• ما هي أبرز إصدارات المركز؟ من إصدارات المركز: - تاريخ أمة في سير أئمة من (5) مجلدات تأليف الدكتور الشيخ صالح عبدالله بن حميد، رئيس مجلس القضاء السابق وإمام وخطيب المسجد الحرام - أعلام وحدود الحرم المكي الشريف، تأليف الدكتور خضران الثبيتي، الدكتور سعود الثبيتي - صفحات من تاريخ مكةالمكرمة، تأليف سنوك هورخرونيه، نقله للعربية الدكتور علي عودة الشيوخ، وعلق عليه الدكتور محمد السرياني والدكتور معراج مرزا. مشروعات مستقبلية •• ما هي أبرز مشروعاتكم المستقبلية؟ لدينا الكثير من الطموحات والمشروعات باهتمام ومتابعة من أمين الدارة الدكتور فهد السماري، ولدينا دراسة لعمل ندوة علمية مع مؤسسة النقد العربي السعودي فرع مكةالمكرمة لدراسة النقود ودور مكةالمكرمة في ذلك؛ لأن مكة شهدت صك العملة منذ قديم الزمن، لذلك نريد أن نبين للناس ما قدمته للعالم من أنواع العملات، وسنقيم دوريات، كما أننا على استعداد لاستقبال أي دراسات على مستوى بحوث نقدمها للنشر في دارة الملك عبدالعزيز، وبالنسبة للدراسات؛ فقد قدمنا دراسة عن موقع الحديبية، وموقع سوق حباشة جهة بني مالك جنوب المملكة. موسوعة توثيقية •• ما هي أبرز ملامح جهود دارة الملك عبدالعزيز في موسوعة التوثيق للحرمين الشريفين؟ معلوم أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - قد وجّه بإعداد موسوعة توثيقية عن الحرمين الشريفين والحج والسيرة النبوية. وهذا ما يقوم به مركز تاريخ مكةالمكرمة، بوصفه فرعًا تابعًا لدارة الملك عبدالعزيز، حيث يعنى بتوثيق الجهود الإسلامية المبذولة لتطوير الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين في المشاعر المقدسة وخاصة جهود المملكة العربية السعودية وعلى رأسها التوسعات الملكية للحرمين الشريفين بما يسهل على المسلمين أداء فريضة الحج. ويعد المركز نقطة تقاطع واجتماع للبحوث العلمية والدراسات المتخصصة في العالم عن مكةالمكرمة كونها المدينة الأم للإسلام والمكرمة لدى المسلمين في كل أصقاع العالم، وعبر الحقب التاريخية المختلفة، وتحظى بحراك علمي منذ نزول الإسلام فيها ونشره منها إلى كل الأرض، في محاولة من المركز لتركيز الجهود والمناشط بأشكالها العلمية المختلفة ونقلها من التبعثر والتفرق إلى عمل مؤسساتي يحقق لتلك الجهود والمناشط قيمتها العلمية، ويكون بأرشيفه ومكتبته وصلاته المختلفة بالأطراف البحثية مغذيًا للبحوث ومساندًا للباحثين والباحثات في تاريخ عاصمة الإسلام الأولى مكةالمكرمة ودورها الديني والروحي والمعرفي والعلمي والدور الثقافي والاجتماعي كونها ساحة التقاء لكثير من العادات والتقاليد والثقافات الفرعية أثناء موسم الحج، وما يصحب الموسم من نشاط اقتصادي وتجاري نشط منذ أيام الإسلام الأولى بعد فرض الحج على المسلمين. والمركز ذراع علمي وتوثيقي لتاريخ مكةالمكرمة. رؤية و8 أهداف •• على أي رؤية قام المركز وما هي أهدافه ورسالته؟ تتمثل رؤية المركز في خدمة تاريخ مكةالمكرمة ومصادره المتنوعة وفق الأساليب العلمية المعتّد بها، بما يلائم المدينة المقدسة وأهميتها، ويسعى المركز لتحقيق جملة من الأهداف، من أهمها: - جمع مصادر تاريخ مكةالمكرمة في جميع العصور من المؤلفات والكتابات والمخطوطات والدراسات والوثائق والصور والخرائط والروايات والمقالات والأفلام المرئية. - إعداد الدراسات والمؤلفات عن مكة وجوانب الحياة فيها قديما وحديثًا ونشرها. - دعم الباحثين في أنحاء المملكة والعالم الإسلامي لخدمة تاريخ مكةالمكرمة. - عقد اللقاءات العلمية في تاريخ مكةالمكرمة والجوانب المتعلقة به. - إصدار الدوريات العلمية المحكمة وغير محكمة التي تهتم بنشر ما يتعلق بمكة واللغة العربية وغيرها من اللغات. - إنشاء بوابة تقنية للمعلومات عن مكة بعدة لغات لخدمة المهتمين والباحثين. - إقامة المعارض المتخصصة في تاريخ مكة. - التعاون مع المراكز والمؤسسات المماثلة. ويسير المركز على رؤية تتمثل في خدمة تاريخ مكةالمكرمة ومصادره المتنوعة وفق الأساليب العلمية المعتدّ بها بما يلائم مكانة هذه المدينة المقدسة وأهميتها وتاريخها العريق، كما تنتظم هذه الأهداف - التي بدأ المركز في تطبيق أعمال وأنشطة وإصدارات ضمنها - في رسالة كبيرة وهي المحافظة على مصادر تاريخ مكةالمكرمة، والعناية بها إتاحة ونشرًا وتحقيقًا. ووفقا لمنظومة الأهداف والرؤية والرسالة التي تكوّن نسيجًا من العمل المتصل والمتكامل، أنجز المركز عددًا من الإصدارات العلمية والأنشطة المتخصصة وتنظيم ندوة نسائية بعنوان «المطوفة المكية تاريخ وذكريات» شاركت فيها عدد من الباحثات والمطوفات، حيث قدّمت وسط حضور علمي لافت ست أوراق علمية ناقشت تاريخ الطوافة والمطوفات والأدوار الدينية والاجتماعية والثقافية التي كانت تقوم بها المطوفات في علاقتهن بحجاج الخارج، كما سجلت الندوة شهادات شفهية لعدد ممن اشتغلن بهذه المهنة ووثقت لكثير من ذكرياتهن التي تعكس جانبًا من تاريخ المرأة في الجزيرة العربية بشكل عام وفي مكةالمكرمة بشكل خاص. ونهيب من خلال صحيفة «المدينة» كل أهالي مكةالمكرمة ومحبيها، وعاشقي التاريخ المكي، وكل من لديه مخطوطة أن يتقدم بها للمركز، الذي سيكون في أتم الاستعداد لمعالجة وترميم هذه المخطوطات، كما لدينا قسم نسائي يتيح للباحثات فرص البحث والدراسة وتقديم الدعم لهن في أبحاثهم، فالمركز يدعم الباحثين ماديًا ومعنويًا حتى يحقق هذا الهدف العلمي.