ويتم مسلسل المحاولات الأممية لحل النزاع اليمني على نفس النار الهادئة التي كان يطبخ عليها المبعوثان الأمميان السابقان «بن عمر وولد الشيخ».. لكن هذه المرة مع القادم الجديد الذي يحمل آمالاً كبيرة، السيد «غريفيث» الذي سبق مجيئه إلى ساحة القتال إصداره بيانًا رسميًا تعهد فيه بإطلاق عملية سياسية شاملة بين الأطراف اليمنية بالاستناد إلى المرجعيات الثلاث المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216، واضعًا في الاعتبار بأن المفاوضات تبدأ من حيث انتهت المفاوضات التي قادها سلفه الموريتاني «ولد الشيخ»، ولا يعتقد أكثر المتفائلين بأن السيد «غريفث» سينجح في تحقيق اختراق في المسألة اليمنية نتيجة التعنت الحوثي، إضافة إلى أن الحوثيين لا يعترفون بالمرجعيات ولا يقيمون وزنًا لها، وفوق كل ذلك لا يستطيعون اتخاذ أي موقف دون استشارة النظام الإيراني الذي يغذيهم بالمال والسلاح. وإذا كانت الأممالمتحدة تقف إلى جانب ضرورة سحب سلاح الميليشيات المتمردة وعودة شرعية رئيس منتخب، فإن ذلك يتقاطع مع أهداف الجماعة الحوثية التي ترفض تسليم السلاح وتعتبر نفسها هي صاحبة الشرعية وهي التي يجب أن تحكم البلاد ولا يمكن لها أن تتنازل عن المكتسبات التي حصلت عليها عقب الانقلاب وعقب قتلها لحليفها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ، حتى مسألة الانسحاب من الحديدة وميناءها التي يركز عليها المبعوث الأممي لا يمكن أن ترضخ لها ميليشيات الحوثي على اعتبار أنها الورقة الرابحة التي يعتمدون عليها في التسوية السياسية وهي مصدر الدخل لهم ومصدر تلقي السلاح المهرب من إيران، كما أن الحكومة الشرعية والتي تسيطر على معظم الأجزاء في الحديدة هي الأخرى ترغب في مغادرة الحوثي هذه المدينة وكذلك الميناء طبقًا للمبدأ الذي يقوم عليه قرار مجلس الأمن 2216 الذي يشترط الانسحاب وتسليم كل الأسلحة كمدخل للسلام المستدام. لم يجن (ولد الشيخ) أي ثمرة لجهوده المضنية التي بذلها طوال 3 أعوام لثلاث جولات من مشاورات السلام بين طرفي النزاع اليمني سوى محاولة اغتيال دبرها الحوثيون في صنعاء، فهل لدى «غريفث» ما يختلف عما تم طرحه في سويسرا والكويت؟! مبعوثو الأممالمتحدة من (بانش) إلى (الأخضر الإبراهيمي) عام 1994 و(بن عمر) و(إسماعيل ولد الشيخ أحمد) جميعهم تعثروا في تضاريس السياسة اليمنية المعقدة، وظهرت لهم عقبات لم يستطيعوا تجاوزها، ولذلك أتمنى أن لا يستمر قرار إيقاف المعارك في الحديدة طويلا بانتظار نتائج اجتماعات المبعوث الأمميبصنعاء، فالنتيجة معروفة سلفًا، والحوثيون سيجدون الفرصة سانحة لهم لالتقاط الأنفاس وتعزيز قواتهم، لن يوافق الحوثيون على أي حل، والانتصار عليهم بات وشيكًا في ظل الانتصارات المتلاحقة التي حققتها القوات الشرعية بدعم من قوات التحالف.