شرعت في كتابة مقال يحكي معاناتها مع مرض السرطان، ومدى صبرها وقوة عزيمتها وتفاؤلها واحتسابها الأجر من الله.. لكن أيامها في هذه الدنيا سرعان ما انقضت.. غابت لعدة شهور، لم تكن طويلة لمن استمتع بها، لكنها قضتها بين أروقة المستشفيات، وأكوام الأدوية والعلاجات، من الكيماوي إلى الإشعاعي.. عادت بعد أن تمكن منها الشوق لرؤية أهلها وأحبابها.. غيابها رغم ألمه عليها وعلى محبيها، إلا أن عودتها وابتسامتها أزالت حالة الكدر والفراق المر.. مرت شهور غيابها الثمانية بكل ما تحمله من أحداث حزينة ومناسبات سعيدة.. مر عليها رمضان والأعياد الفطر والأضحى وقدوم حفيد جديد.. كما مر عليها فقد عمتها وخالتها وأخيها الأصغر.. أحداث تمر علينا جميعا، لكن أثرها مؤلم على من غاب عنها ولم يشارك أحبابه أفراحهم وأتراحهم.. فالألم ألمين ألم المرض ومعاناة العلاج، وألم فقد الأهل والأحباب. لكنها امرأة مؤمنة صابرة محتسبة، تكثر من الحمد وتنفق بسخاء، تحتسب الأجر من الله وترتجي عافيته.. كانت ممن من الله عليهم بطيب المعشر وحسن الخلق وكريم الطباع.. فمجرد أن تجلس بجوارها فالتأكيد بأنك لن تغادر خالي الوفاض من الفائدة، فكلماتها العطرة وقصصها الممتعة وأحاديثها عن التربية وأسلوبها الراقي في العلاقات ولا أنسى وصفاتها المطبخية الرائعة.. فحديثها ممتع ومفيد، وروحها معطاءة، وقلبها محب يحتوي الجميع الكبير والصغير.. «الناس شهداء الله في أرضه» قرأنا وسمعنا ما شهد به الناس عنها وعن محاسنها وأخلاقها ما جعلنا نبتهج بتلك الشهادات في الدنيا، وما عند الله خير وأبقى.. كنت وما زلت أعتبرها من الشخصيات الملهمة، إنها المرأة النموذج.. كفكفنا دموع الوداع وجررنا أثواب الفراق وغادرنا دار العزاء.. وداعًا ملهمتي (مي).