حلب الشهباء، مدينة الحضارات، بلد الخيرات، أصبحت أثرًا بعد عين.. لكنها رغم الموت والأشلاء والدمار، تبقى صامدة أبيَّة تلد لنا الحياة من جديد.. فيديو قصير يصور أطباء يحاولون إنقاذ أمٍّ من حلب، حامل في شهرها الأخير أصابتها قذيفة، وبعد محاولات عديدة ينطلق صوت بكاء الطفل ليعيد الحياة لروح الفريق الطبي في مدينة الموت.. فيديو آخر لأبي الورد، الذي ينشر حب الحياة وجمالها عبر زراعة وبيع الورد في حلب الملكومة، لكن تأبى الصواريخ المنهمرة على المنطقة إلاَّ أن تصيبه، وتودي بحياته، لينعقد لسان ابنه إبراهيم ذي الثلاثة عشر ربيعًا أن يعبر عمَّا سيقوم به تنفيذًا لوصية والده برعاية أمّه وإخوته الصغار.. فيديو الطفل الباكي، وهو ينادي والده بصوتٍ متهدج، وعيونه ممتلئة بالدموع يبحث عنه، ومن ينقذه يحاول عبثًا تهدئته، لكن قلبه الصغير المفجوع لا يهدأ.. فيديو الشيخ المسن الذي يستصرخ نخوة العرب والمسلمين من تحت الحطام والدمار، لكن لا حياة لمن تنادي.. صورة المرأة المعاقة المتوفاة على كرسيها وسط الشارع المدمر، حين كان يدفعها زوجها باحثًا عن مستشفى لينقذها بعد أن فقدت جميع أبنائها.. هذا غيضٌ من فيض ممَّا أصاب ويصيب أخوة لنا في سوريا، على يد سفاحها الأشر، ومن يناصره من دول تدَّعي الحرب على الإرهاب، ودول تدَّعي تحرير البلاد.. وأمم تعقد مؤتمرات ومشاورات، وتنفض دون أدنى حراك يغيِّر الواقع، أو يخفف من وطأته.. تأبى الكلمة أن تخرج في مواساة أهلنا في سوريا، فشعور الألم طغى، وفاض القهر، ولم يعد الكلام يجدي نفعًا.. «ما يفل الحديد إلاَّ الحديد»، هذا قول آبائنا، مَن اعتدى عليك واستخدم القوة معك، لابدَّ أن تردَّ عليه بالمثل، والذي بدأ الحرب على الشعب الأعزل، واستخدم كل الأسلحة الممنوعة، لا يوقفه كلمات، وقرارات من دول هنا وهناك، بل يوقف بقوة السلاح.. الحل الوحيد في رفع الظلم الواقع على الشعب السوري هو إزالة المتسبب، وإعادة الحق لأهله، وبناء الدولة من جديد بسواعد أبنائها.. فلا حل أمام المعارضة في الداخل سوى التعاون فيما بينها لصد عدوان النظام الساقط، ومن معه، وحماية المواطنين ومساعدتهم.. {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} «سورة الأنفال الآية 46»