شاهدت الهلال لأول مرة مع انطلاقة الدوري الممتاز عام 1397ه وتابعته مع بقية فرق الدوري، وكان مستواه يتفاوت بين موسم وآخر ومباراة وأخرى كما هو حال بقية الفرق، ولكن لم يبهرني أكثر من التشكيلة التي صنعها كندينيو عام 1405ه؛ فقد كانت تضم ترسانة هائلة من النجوم في جميع المراكز بلا استثناء، ومن يتذكر ذلك الموسم من الإخوة القراء أظنه سيشاطرني الرأي. ثم صار الأداء ينخفض بعد ذلك بسبب رحيل بعض اللاعبين، ثم يرتفع بفعل دخول دماء جديدة، ولكن بقي الهلال طرفاً رئيساً في المنافسة، والأهم من ذلك بقيت هيبة الفريق بفعل قدرته على تقديم مستويات ونتائج جيدة داخلياً وخارجياً، ولكن في المواسم الثلاثة الأخيرة بما فيها هذا الموسم تبدّل الحال ولم يعُد الهلال كما كان عليه في السابق، وإن بقيت بعض الهيبة المصحوبة بالنتائج الجيدة في الداخل بسبب اسم الهلال، إلا أنه حين يلعب على المستوى الخارجي لا يقدم تلك العطاءات لضعف المجموعة وعدم قدرتها على مجاراة الفرق الأخرى؛ فالفريق الراهن لا يمكنه تحقيق بطولة محلية من خلال المجموعة الحالية التي تمثله؛ فهي عاجزة عن صناعة الفوز، فما بالك بتحقيق البطولة. وباستثناء أربعة أو خمسة لاعبين فإني أرى ضرورة إحداث تغيير شامل للفريق، ومن أراد التحقق مما أقول ما عليه سوى الرجوع إلى مباراة الوحدة الأخيرة أو نهائي الدوري العام الماضي أو الذي قبله، ولولا اسم الهلالي وجماهيريته التي ترعب الفرق الأخرى لكانت النتائج أسوأ مما هي عليه الآن. رحل من كان يكسبني التحدي كغيري من المتابعين الرياضيين أتوقع نتيجة مباراة أو فوز فريق على آخر أو تحقيقه بطولة فأكسب أحياناً وقد يكسب غيري، ونفس الحال مع بعض اللاعبين، خاصة فئة النجوم الذين أحياناً الواحد منهم قد يكسب التحدي، وأحياناً مع الأسف يخذلك. ولكن كان هناك لاعب وحيد لم يخذلني أبداً، أتذكر أني أول مرة راهنت عليه عام 1410ه وقلت إنه سيحقق لقب هداف الدوري، فسخرت مني المجموعة التي كانت معي وذكروني أن الفارق بين متصدر الهدافين وصاحبك كمّ كبير من الأهداف لا يمكن كسره بسهولة وفي مباراة واحدة، إلا أني كسبت الرهان. واستمر مسلسل الكسب دون انقطاع، حتى كانت المرة الأخيرة التي راهنت عليه حين دخل كبديل في مباراة منتخبنا الوطني ونظيره التونسي في كأس العالم الأخيرة وقلت لمن كان معي حينها: هذا من سيحدث الفرق ويغير مسار المباراة، وعلى رغم اعتراضهم إلا أني كسبت ولم يعُدْ يتجرأ أحد منهم بعد ذلك على التطاول على صاحبي، خاصة وقد سُجِّل في لوحة الشرف في الفيفا أن لاعباً سعودياً ضمن خمسة هدافين هم الأطول نفساً في تاريخ كأس العالم. وحين أعلن الاعتزال كان قد سبقني إلى إعلان رهاني الأخير بأنه قادر على الاستمرار لموسمين آخرين، وربما حتى المشاركة في كأس العالم القادمة، إلا أن الخصم هذه المرة كان أقوى وأعتى، فأجبر على الترجُّل، وعزائي وعزاء محبيه أنه غادر بعد أن طابت النفس، وإلا لو رغب الاستمرار لترجَّل الجميع وبقي وحيداً وبمقدوره تحقيق الطموحات كما كان يفعل طوال سنوات عمره الرياضي الزاهر والزاخر بالألقاب المختلفة. لا يا حضرة المخرج مباراة الهلال والوحدة الإماراتي الأخيرة كانت جميلة، وأجمل ما فيها نجمها الأول تلك الجماهير التي اكتظت بهم جنبات ستاد الملك فهد وبقيت مؤازرة ومساندة لفريقها حتى صافرة النهاية، إلا أن مخرج المباراة اختزل كل المشاهد التي يمكن رصدها أثناء تلك الاحتفالية بتسليطه الضوء على خروج ثلة قليلة من الجماهير قبل نهاية المباراة، وزاد الطين بلة انخداع بعض المعلقين بذلك المشهد وترديدهم أن الجماهير الهلالية يئست من الفوز ورحلت، وما يدعو للعجب أنك حين تشاهد امتلاء المدرجات تتساءل عن أيّ مباراة يتحدث هذا المعلق، وبودي أن أهمس في أذن ذلك المخرج وأقول له: إن كنت تقصد ما وراء ذلك المشهد من إدخال اليأس في جماهير ذلك النادي فقد خاب مسعاك؛ لأن الجميع شاهد المدرجات الممتلئة، ولم يلتفتوا إلى خروج مجموعة بسيطة هذا ديدنها في حال الفوز أو الخسارة؛ فهي تهرب من الزحام. أما إن كنت لم تدرك أبعاد تلك اللقطات فأنصحك بمتابعة الإخراج في الدوري الأوروبي، وأظن مباراة واحدة كافية لزيادة تأهيلك. [email protected]