تملكني الحزن، وأخذ مني الأسى كل مأخذ عندما تلقيت خبر وفاة صاحب السمو الأمير سعد بن خالد بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود - غفر الله له ولوالدي ولجميع المسلمين - هذا الأمير الإنسان الذي يجمع الصفات النادرة والمزايا الحميدة، فقد كان مجموعة رجال في رجل واحد، وهبه الله من السجايا الحميدة، والخصال الفريدة ما يندر أن يجتمع في شخص، فقد جمع سموه بين الكرم، والمروءة، والثبات، وحسن الاستقبال، والقيام بالواجبات الاجتماعية، فقد عرفت سموه منذ ما يقارب عشرين عاماً عندما كنت مديراً عاماً للأوقاف والمساجد بمنطقة الرياض، إذ كان سموه كثير الاتصال للشفاعة لأصحاب الحاجات، والتوصية بالناس، وقضاء حوائجهم، وطلب الإذن بإقامة المساجد على نفقة سموه الخاصة، ومتابعة العاملين بها، كما عرفت سموه بالوفاء مع أصدقائه وجيرانه ومن عرفه، فقد كان - رحمه الله - دائم السؤال عن والدي - رحمه الله - عندما كان يتلقى العلاج في أمريكا عام 1412ه، وكذلك بعد عودتنا، فكان دائم الزيارة له في منزله، ومركز الأمير سلطان لأمراض القلب حتى وفاته في 25-6-1427ه، وكان سموه أول من عزى فيه، كما أنه حضر للصلاة عليه رغم شعوره بالمرض حيث سافر بعد ذلك بيومين، فهذا يدل على انه يتحامل على نفسه رغم مرضه لكي يقوم بالواجب؛ لما حباه الله من التواضع ومحبته - رحمه الله - للناس بجميع فئاتهم، جعل الله ما قدم وقام به في ميزان حسناته يوم القيامة، وكان الحضور الكثيف والجمع الغفير في استقبال جثمانه في المطار أصدق شاهد على تأثر الناس لوفاته، وأروع مثل لمحبة الناس له، فكان يتقدم هذه الجموع الغفيرة أمير النبل والوفاء صاحب القلب الرحيم وراعي اليتامى والمعوقين أمير العطاء والإحسان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي ما ان حطت الطائرة المقلة للجثمان الطاهر حتى صعد إليها وواسى أسرته وأبناءه بقلب حان ودموع ذارفة، فلا عجب لهذا الموقف النبيل من سموه، فهو صديق دربه الحميم، كما ان كثافة المعزين في منزله من كافة أنحاء المملكة، ومن خارج المملكة دليل على ما بذله - رحمه الله - في حياته من المعروف؛ حتى ملك محبة الناس، فهذا الأمير الجليل أحب الناس فأحبوه، وشاركهم أفراحهم وأحزانهم فبادلوه ذلك بالجزع والدعاء له. نعم لقد رحل الرجل الحبيب، وفارقنا الأمير الإنسان، الذي لم يسمع يوماً عنه أنه دخل في مشكلة مع أحد، أو تقدم بدعوى على أحد، أو اشتكى منه أحد؛ لبعده عن حطام الدنيا وسمو قامته عما يسيء إليه وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب - عزَّ وجلَّ -: إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، ونحن راضون بقضاء الله وقدره، فكل نفس ذائقة الموت، وكل من على هذه الدنيا فان ويبقى وجه الله ذو الجلال والإكرام. وعزاؤنا في أبنائه الذين تربوا في كنفه، ونهلوا من معين طيبه وصدقه، وفقهم الله لكل خير، ورحم والدهم، وأسكنه فسيح جناته. * وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإدارية والفنية