لمدة طويلة من الزمن لم تكن العلاقة التي تجمع ما بين الفنون الجميلة والتقنية الحاسوبية حميمية أبدا ولم يكن هناك من قاسم مشترك بين الاثنين سوى القدرة على الابداع وابتكار ما هو جديد, غير ان ظهور الشبكة العنكبوتية لعب دوراً جوهرياً في اعادة صياغة هذه العلاقة فتلك الخطوط المتوازية التي كانت تفرق بين هذين العالمين لم تعد كذلك إذ غلب عليها طابع الالتقاء والتشابك مما أدى إلى الكثير من التغيرات الممتعة والابتكارية ولعل أول تلك التغيرات وأهمها هو امكانية بيع وشراء الاعمال الفنية عبر الشبكة العنكبوتية فخلال بضع سنوات ماضية ظهر العديد من الصالات الفنية على الشبكة التي لا تكتفي بعمليات البيع والشراء بل وتعمل على إضافة الجانب التثقيفي من خلال اعطاء المشترين نبذة عن صاحب العمل الفني واتجاهاته الفنية. وهذا الأمر تسبب في ولادة وظهور نوع من القلق لدى البعض من ان يؤدي ظهور مثل هذه الصالات الفنية الافتراضية على شبكة الانترنت إلى انقراض واختفاء الصالات التقليدية إذ يتم عرض مختلف اللوحات غير انه قلق يؤمن الكثير من اصحاب الصالات التقليدية بأنه لا مبرر له لان معظم هواة اقتناء اللوحات يرغبون في الوقوف امام اللوحات بل وتحسسها قبل ان يقرروا الشراء وذلك لان اللوحة قد تتميز بمظهر رائع عبر الشبكة العنكبوتية لكن المظهر الحقيقي لا يمكن التأكد منه إلا عبر الاقتراب من اللوحة ورؤيتها تحت تأثير الاضاءة العادية وبالتالي فإن نسبة كبيرة من اصحاب الصالات التقليدية يجزمون بأن الصالات الافتراضية على الشبكة العنكبوتية لن تحل أبدا محل الصالات التقليدية هذا على الرغم من ان صالات العرض عبر الشبكة العنكبوتية تسجل نجاحات ملحوظة في زيادة نسبة مبيعاتها لمختلف اللوحات إذ تبين التقارير ان موقع Art net.com قد وصل مجموع مبيعاته في غضون ستة أشهر إلى ما يقارب مليون دولار أمريكي, فيما اعلن موقع متخصص آخر عن نيته لتوسيع نطاق اعماله بحيث لا يقتصر على الولاياتالمتحدةالامريكية فقط بل ليشمل اجزاء اخرى من الكرة الارضية بعد ان ادرك القائمون على هذا الموقع ومن خلال ارقام مبيعاتهم ان هناك طلبا واسعا على الاعمال الفنية وهو ما حدا بهم إلى ان يستفيدوا من خبرات مواقع اخرى متخصصة في الترجمة لتسهيل عملية عرض المعلومات بمختلف اللغات. وكل ما سبق مرتبط بما يمكن وصفه بالفن التقليدي ولكن ماذا عن ذلك النوع من الفنون المخصص اصلا للشبكة العنكبوتية؟ فعلى الرغم من ان هذا الجزء من الفنون لم يحظ بعد بالتقدير الكامل فإن متحف Whitneg Museum of American Art الموجود في نيويورك قد قام بالكثير من اجل خدمة هذا النوع من الفنون ومنها تضمين اعمال فناني الانترنت في المعرض الذي يقيمه المتحف كل سنتين والذي يتم عبره عرض اخر الاعمال وأحدثها علما بأن تركيز المعرض لهذا العام منصب على المدى الذي ساهمت فيه التقنية في تشكيل وتحدديد إطار وموضوع الكثير من الاعمال الفنية فضلا عن الكيفية التي يتم من خلالها تنفيذ هذه الاعمال. غير ان هناك اشكالية معينة تتعلق بتحديد ماهية فن الانترنت، وهو ما حاول القائمون على معرض ويتني للفن الامريكي التغلب عليه من خلال توسيع مدى هذا المصطلح ليشمل الأدب والاداء والرسوم المتحركة والموسيقى والتصميمات التصديرية. وبالانتقال إلى نوع آخر من الفنون وهو فن التصوير الفوتوغرافي سنلحظ ان عالم الانترنت بدأ مؤخرا في وضع بصماته على هذا الفن وعلى الرغم من ان كاميرات التصوير التي تستخدم التقنية الرقمية لم تصل إلى اي مستوى كاميرات التصوير التقليدية، إلا انها في طريقها لبلوغ هذا الهدف مع الأخذ في عين الاعتبار ان البرامج الحاسوبية المخصصة لمعالجة الصور والمتوفرة حاليا في الاسواق تتميز بدرجة عالية من الجودة تتغلب في كثير من الاحيان على الاساليب التقليدية في اظهار الافلام وهو ما أدى إلى ان تتحول الشبكة العنكبوتية إلى وسيط رائع لتبادل الصور وإرسالها إلى مختلف المواقع مما يعني ان في الامكان حاليا العثور على كم هائل من الصور على الشبكة العنكبوتية لم يكن في الامكان العثور عليها أبداً في ظل الظروف الاخرى. وإضافة إلى قابلية تبادل الصور تلعب شبكة الانترنت دوراً كبيرا في تشكيل الكيفية التي يمكن عبرها صنع افلام متحركة وتوزيعها وعرضها، إذ يعتبر موقع Buy Indies.com واحداً من المواقع الرائدة في هذا المجال ويقوم بتوفير اكثر من اربعين الفا من الافلام التي يمكن بيعها عبر الانترنت كما ان هناك العديد من الشركات التي تعمل على ابتداغ طرق جديدة لايصال الافلام إلى من يرغب في الشراء بحيث يصبح في الاماكن ارسال محتوى هذه الافلام عبر الانترنت الى أجهزة التلفزيون المنزلية. وهكذا فإنه من الواضح ان الانترنت ومع استمراره في التطور بشكل سريع يلعب دورا متناميا في مساعدة الفنانين على الوصول إلى عملاء اكثر وابتداع أعمال أكثر جمالاً