أصبح من المألوف في الساحة التشكيلية التعامل مع التقنية والأدوات الجديدة في اللوحات التشكيلية، ولم تعد اللوحة قاصرة على الأدوات التقليدية الماثلة في السطوح المختلفة المستخدمة في الرسم كالورق والقماش وغيرهما، والفرشاة واللون في صورتهما التقليدية، فالورقة أو القماش مثلاً تحوّلا إلى شاشة، والفرشاة استحالت “فارة” والألوان كما هي تُرى ولكن لا تلمس، وعلى هذا أصبح “المرسم” الجديد أنيقًا لا أثر لاندلاق الألوان عليه، وكذلك الرسّام الذي لا يبقى في يديه أثر من لوحته بعد أن يفرق منها.. هذا النوع من التقنيات الجديدة في الرسم وجد القبول، وحجز له مكانًا في الساحة، وامتدادًا لهذا الظهور اللافت للفن الرقمي جاء معرض “إشكالية إنسان” الذي أُقيم مؤخّرًا في قاعة تسامي بجدة لفنانات “مجموعة الفن الرقمي” وهن منال الرويشد، وهناء الشبلي، وهدى الرويس، وعائشة الحارثي، وفوزية المطيري، قدمن خلاله أكثر من 50 لوحة فنية تعبر عن الإنسان. توجّه جديد فحول تجربة هذا المعرض تقول الفنانة هناء الشبلي: لا نستطيع أن نحكم بنجاح المعرض؛ ولكن الحضور الرائع لمعارضنا يجعلنا نتيقن أن هناك إقبالاً واهتمامًا بالفنون الرقمية، خلافًا لما كان يحدث في السابق حيث كان يتم استبعاد لوحاتنا من المعارض الفنية لعدم وجود محكمين في هذا النوع من الفنون بينما في أمريكا والدول الغربية تقام معارض الفنون الرقمية منذ 50 سنة، وقد دفعنا حبنا للفنون الرقمية لتكوين مجموعة فنية خاصة بالفنون الرقمية وتم عرض الفكرة على الدكتور عبدالعزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام سابقًا الذي رحب بالفكرة ودعمنا كثيرًا؛ وفعلاً أقيم أول معارضنا بالمتحف الوطني وافتتحه السبيل بحضور الدكتور أبوبكر باقادر وقد شهد أول معرض لنا توافدًا كبيرًا من الأجانب في مدينة الرياض وقد بدأنا بالتعريف بالفنون الرقمية من خلال إقامة ندوات ومحاضرات في مجال الفنون الرقمية. وتضيف الشبلي: إن مجالات الفنون الرقمية عديدة جدًّا، والفن الرقمي لا يختلف عن التصوير التشكيلي فهناك الفرشاة ونحن لدينا الفارة التي تقوم بدلاً عن الفرشاة، كما أننا نستطيع عرض العمل الرقمي في أي دولة في العالم وبشكل مريح من خلال إرسال صورة عبر الإنترنت، ولكن هناك من يقوم بإنتاج عمل أصلي واحد ويقوم بنسخه عبر جهاز الحاسب؛ ولهذا فإننا بصدد توثيق أعمالنا من قبل وزارة الثقافة والإعلام حتى لا يكون هناك سرقة لأفكارنا. شعور وإحساس وتتفق الدكتورة منال الرويشد مع الشلبي في عدم اختلاف اللوحة الرقمية عن مثيلتها اللوحة الزيتية أو المائية مضيفة بقولها: اللوحة الفنية إحساس وشعور سواء على الكانفس أو باستخدام الحاسب، واللوحة الفنية لا أحد يستطيع تكرارها رغم أن هناك من يقلل من اللوحة الرقمية؛ فالأعمال الفنية في السابق لم تكن ذات قيمة، فالفنان جوخ مات فقيرًا وغيره من أبرز الرسامين في العالم، وكانت لوحاتهم في تلك الفترة ليس لها قيمة، أما الآن فتباع بمئات الملايين، وهذا ينطبق على الفنون الرقمية حاليًا، والفنان والفنانة لهما الحرية في التعبير عن أفكارهم وأحاسيسهم بأي وسيلة، سواء بالفرشة والألوان أو من خلال الحاسوب، فالكمبيوتر لا يسهل العمل الفني؛ بل يحتاج إلى إبداع وتميز وفكر وليس كما يتخيله البعض. وعن استخدام الصور في أعمال فناني الفنون الرقمية تقول منال: هناك فنانون تقليديون، يستخدمون الصور الفوتوغرافية، أو لوحات الفنانين المعروفين، ونحن كفنانين في مجال الفنون الرقمية قد نستفيد كغيرنا من الصور أو اللوحات، ولكننا نشير إلى ذلك. هدى الرويش اكتفت بالإشارة إلى النجاحات التي تحققت للمجموعة وتلقيها لعدة دعوات لإقامة معارض للمجموعة من بينها دعوة من المنطقة الشرقية وأخرى من حائل بالإضافة لثلاث دعوات من خارج المملكة. أما الفنانة عائشة الحارثي فتقول عن أهداف المجموعة: هناك أهداف عديدة وأهمها: النهوض بالحركة التشكيلية بلغة العصر من خلال برامج الحاسب الآلي للرسم والتصوير والتصميم، وإنتاج أعمال فنية ولوحات تشكيلية اعتمادًا على الحاسب الآلي وبرامجه الخاصة بالرسم ومعالجة الصور من أجل دعم هذا الاتجاه في الفن التشكيلي السعودي الحديثة، وإقامة المعارض التشكيلية الرقمية وغيرها داخل وخارج المملكة لكل الفنانين الواعدين من الشباب، والتدريب على مهارات الرسم والتصميم والتصوير الرقمي وفق المستجدات التقنية، وتأليف كتب وإصدارات في مجال الحركة التشكيلية، وفتح المجال لانضمام أعضاء في مختلف أقسام الفنون الرقمية كالرسوم المتحركة والكاريكاتير والمونتاج وغيرها من الفنون التشكيلية. انجازات المجموعة وتتداخل الفنانة فوزية المطيري معددة النجاحات التي حققتها المجموعة بقولها: حققنا العديد من الانجازات من بينها إقامة أمسية ثقافية بالنادي الأدبي بالرياض في يوم 15/5/1430ه، كما أقمنا أول معرض فني رقمي للمجموعة بعنوان “إشكاليات إنسان”، وأنشأنا موقعًا إلكترونيًّا للمجموعة، وشاركنا في تحكيم أول مسابقة للفن الرقمي لطلاب وطالبات جامعة الملك سعود في عام 2009م، وغيرها من النشاطات الكثيرة التي قامت بها المجموعة.