الدمام – بيان آل دخيل دياب: كثير من الناس لا يعرفون ماهية هذا الفن محمد: تعرضت للسخرية من كل المحيطين بي أبو السعود: يعتقدون أن الحاسب هو الذي يرسم بدلاً من الرسام أحمد: أكبر مشاكلنا غياب الإعلام الرسمي القاسم: اللوحة الزيتية عمرها أطول مقارنة باللوحات الرقمية البار: ستبقى اللوحة التشكيلية رائدة الفن التشكيلي تشهد المملكة نشاطاً ملحوظاً في الفن التشكيلي، فلا يكاد يخلو مهرجان من معرض، أو لفتة عن الفن التشكيلي وممارسيه والمهتمين به، بل لا تكاد تخلو أجندة قاعات وصالات العرض من المعارض التشكيلية. وفي المقابل، يشعر بعض الناس بغموض يلف واقع الفن الرقمي ومستقبله في المجتمع، حيث تقتصر المشاركات على قسم بمعرض في مهرجان ما، أو معرض جامعي يهدف لتشجيع الطلبة فقط. فلماذا هذا الغموض الذي يلف الرسم الرقمي، ولماذا يخلط الناس بين الرسم الرقمي والتصميم والتصوير؟ ما زال يحبو سمر دياب تشير الفنانة اللبنانية والشاعرة سمر دياب إلى أن هذا النوع من الفن ما زال يحبو في الوطن العربي ككل، والمعارض التي تقام له مازالت ضئيلة، وقالت ل «الشرق»: يحتاج وقتاً حتى يتم الاعتراف به كفن مستقل بحد ذاته. وتعد دياب الفن الرقمي ممتعاً وغنياً، وقادراً على استقطاب شريحة كبيرة من أجيال الإنترنت والفنانين، مؤكدة أنه ليس بديلاً عن الرسم بالريشة، فلا شيء يوازي أن تعمل بالألوان بيديك مباشرة، لكنه فن آخر يندرج تحت مسمى الفنون البصرية، التي تحمل كثيراً من الجماليات، وتحتاج إلى الرهافة والاحتراف، شأنها في ذلك شأن سائر الفنون. وترى دياب أن الانتقادات التي يمكن أن ترافق العمل الرقمي قليلة، لأنه ما زال حديثاً في بلادنا، وكثير من الناس لا يعرفون ما هو تحديداً، مشيرة إلى أن أغلب اللوحات الرقمية التي تراها هي إما مناظر طبيعية، أو عمل إعلاني، أو تداخل صور، دون فكرة فنية يعول عليها. وكشاعرة، تؤكد دياب أن الفن الرقمي «سوق أخرى للمخيلة الشعرية تقترب كثيراً من القصيدة في شكلها البصري». وعن تجربتها الشخصية، تقول «بدأ الأمر بمحاولات بدائية أردتها أول الأمر نماذج مصغرة عن لوحات حقيقية يمكن أن أنفذها على أرض الواقع، وهذا المشروع ما زال قائماً، لكن الفن الرقمي سحبني بعيداً، إذ إنه قادر على تنفيذ أي فكرة، وأي شكل بتفاصيله الدقيقة. أعتمد على الفوتوغراف أحياناً في التقاط صور لعناصر مختلفة أريدها في اللوحة، وأحياناً أستعين ببرامج تصميم خاصة، إن كان للأجساد، أو للخلفيات، وما شابه». وذكر الفنان الفلسطيني هشام زريق ل «الشرق» أن تجربته في الفن الرقمي بدأت عام 1994م، مشيراً إلى مشاركته في معرض جماعي عام 1995م، إذ حصل على ركن مستقل، وكانت التجربة الرقمية الوحيدة في المعرض. وأشار إلى معرضه الشخصي الأول الذي أقيم عام 1996، الذي سمح لأعماله بالانتشار في عدد من المعارض. وأوضح أن بدايات الفن الرقمي كانت صعبة، إذ كان الناس يشككون في كونه فناً، ولم يرغبوا في أن ينظروا له كشكل من أشكال الفن. أين المشكلة؟ أما التحدي القائم بين النوعين التقليدي والرقمي، فلا يعدو كونه اختلافاً في الأدوات، فالرسام التقليدي يستخدم أشياء ملموسة ومحسوسة، كالألوان ورائحتها، بينما يستخدم الرسام الرقمي الحاسوب وأجهزته، بحسب دياب. سخرية ويشير الرسام حسين محمد إلى إحباطه، بسبب سخرية الناس، ويقول «عندما كان عمري عشر سنوات كنت مولعاً بأفلام الكرتون، فبدأت أرسم وأبتكر شخصياتي الخاصة، ولم أتعرض للنقد، بل السخرية من كل المحيطين بي، وكانوا يقولون لي بأنني أعمل تفاهات. أصبت بالإحباط، وقررت عدم مشاركة أي شخص برسوماتي، ووضعها على شبكة الإنترنت، وهناك وجدت من يشاركني اهتماماتي». ويعاني الرقمي مراد أبو السعود من انتقادات المحيطين به، وأغلب الانتقادات تتلخص في رفض استخدام الحاسب الآلي في الرسم، إذ يعتقدون أن الحاسب هو الذي عمل الرسم بدلاً من الرسام. وتعتقد فوزية المطيري، وهي إحدى مؤسسات «مجموعة الفن الرقمي» الخاصة، أن «الفنان الجيد سيخرج ما يشعر به من أحاسيس ضمن مساحة لوحته، سواء كانت رقمية، أم يدوية». ويواجه الفنانون الرقميون معوقات تتمثل في قلة الدعم لإقامة دورات ومعارض، بالإضافة إلى صعوبة حفظ الحقوق الفكرية لأعمالهم، وتقول «الفن الرقمي موجود ومنتشر، لكن بشكل عشوائي، ويمارسه الموهوبون والهواة، لكنه يفتقر للوجود الرسمي من خلال وزارة الثقافة والإعلام، وأنشطتها التي تقدمها، وإن استمرارية وجود هذا الفن، كنوع ضمن الفنون المطلوبة لأنشطة الوزارة، هو ما يغيب عن الساحة، وتفتقر إليه، مشيرة إلى تعاون الوزارة ودعمها لمجموعتهم في معرضهم الأول. أكبر المشاكل ويؤكد حيدر أحمد أن «أكبر مشاكلنا غياب الإعلام الرسمي». بينما تعتبر المطيري أن الحل يكمن في التعاون «حيث يمكننا أن نحصل على ما نريد بتعاون الجهات المسؤولة مع الفنانين والهواة في نشر فنهم، وهو ما سيساهم كثيراً في انتشار الخبرات الجديدة، وتعريف الجمهور بها، وبالتالي تأسيس قاعدة ثقافية جيدة لهذا الفن تسمح للجميع بتذوقه وممارسته بالشكل الصحيح. أيضاً، تعاون الفنانين والمجموعات المختصة بهذا الفن سيساعد الباحثين عنه على الوصول إليه بشكل أسرع، وبشكل صحيح، بعيداً عن الاجتهادات والأعمال العشوائية. تقليدي أم رقمي؟ ولم يبدأ أغلب الفنانين بالفن الرقمي، لكنهم من خلال تجربتهم قرروا تجربة الفن الرقمي، وبعضهم أحب هذه التجربة، واستمر فيها، وبعض آخر قرر العودة للرسم التقليدي. يقول مدرس التربية الفنية والرسام الرقمي والتشكيلي باسم القاسم «بدأت أرسم بالرقمي لانشغالي بعد الزواج، ولأن روائح الألوان مزعجة. لكنني واجهت انتقادات عدة، فالناس أصبحت ترى أن أعمالي الرقمية ليست بفن، مشيراً إلى أن تجربته الشخصية أثبتت له أن اللوحة الزيتية عمرها أطول مقارنة باللوحات الرقمية «التي لا أعلم إلى متى ستستمر ألوانها. عرفت ذلك عندما اشتغلت في استوديو تصوير، حيث إن الألوان تتغير مع الأعوام بعد الطباعة». أحمد البار ويقول الفنان التشكيلي، ومعلم التربية الفنية، أحمد البار «إن اللوحة البيضاء إن كانت ورقة، أو قماشاً، أو خشباً، أو حديداً، يشكلها الفنان بيده لتظهر لنا لوحة مليئة بالجمال اللوني والتكويني، فقدرة يد الفنان تعطي أقوى من الفن الرقمي، مهما كانت جودته». وحصر البار استخدام الحاسب الآلي في عملية الرسم بعمل تصاميم ثلاثية الأبعاد، وتصاميم للوزارات المختلفة، وبعض الشركات الخاصة والعامة، وفي بطاقات الدعوات، مستنكراً تسمية من يقومون بهذه الأعمال بالفنانين التشكيليين «ممكن أن نطلق عليه فنانا حاسوبيا، أو محترفا حاسوبيا، إن وصل إلى درجة كبيرة في قدرته على التعامل مع الصورة بشكل ممتاز». وأكد «لا أميل لهذا الفن، وفي الوقت نفسه لا أعترض على من يشتغل فيه». ويؤكد المشرف العام على معرض الفن الرقمي الثاني في جامعة الملك سعود، يحيى مجرشي، أن مصطلح الفن الرقمي تندرج تحته أنواع عدة، منها الرسم الرقمي، و»الفن البيكسلي»، و»الفيكتوري»، وال»الثلاثي الأبعاد»، و»الكتابي»، و»تعديل الصور»، و»الفن المختلط»، مشيراً إلى أنه يعتمد على سمتين أساسيتين، الأولى هي الإبداع، والثانية هي استخدام الحاسب كأداة للإبداع. دمج النوعين ومن الفنانين من يرفض دمج النوعين الرقمي والتشكيلي، فيما تشير المطيري إلى أن الدمج وارد، وحصل كثيراً في عدد من اللوحات، سواء للمجموعة، أو لفنانين آخرين، ودمج المعروضات الرقمية واليدوية وارد جداً، وحدث ذلك خلال المعارض التي أقمناها لتعريف الجمهور على كل الأشكال الفنية للوحة التشكيلية. مستقبل الرقمي هشام زريق وحول مستقبل الفن الرقمي، أكد زريق أنه مشغول بتجربته الخاصة، ولا يفكر في مستقبل الفن، إلا أنه يؤكد إيمانه أن الفن الرقمي سيحصل على مكانته في عالم الفن البصري في العالم العربي. بينما يؤكد البار «ستبقى اللوحة التشكيلية رائدة الفن التشكيلي». وتقول التشكيلية رجاء القرشي «تبقى للوحة التشكيلية التقليدية سمة مميزة، وبصمة مختلفة تميز الفنانين عن بعضهم». وتأمل المطيري في «تعاون الجهات المسؤولة مع الفنانين والهواة في نشر فنهم، لأن ذلك يساهم كثيراً في انتشار الخبرات الجديدة، وتعريف الجمهور بها، وبالتالي تأسيس قاعدة ثقافية جيدة لهذا الفن تسمح للجميع بتذوقه وممارسته بالشكل الصحيح. أيضاً، تعاون الفنانين والمجموعات المختصة بهذا الفن سيساعد الباحثين عنه للوصول إليه بشكل أسرع، وبشكل صحيح، بعيداً عن الاجتهادات والأعمال العشوائية». وأبدت المطيري تفاؤلها في أن تجد الفنون الرقمية مكانتها التي تليق بها في الساحة الفنية التشكيلية السعودية، لأن «الرقميات هي لغة العصر، وأداته، ومن لا يعرفها قد يفوت على نفسه فرصة التأقلم مع هذا الزمن وأدواته الجديدة، وساحتنا تحتاج لمثل هذا التطور الحتمي، لأنها بحق بلغت مراحل ممتازة في المستوى الفني والإبداعي، لكن ما زالت تحتاج للثورة التكنولوجية لتبرز أكثر، ولتصل لشرائح أكبر حول العالم».