الواقعية والصراحة هما مربط الفرس في زمن العولمة؛ لأنهما يوصلان إلى نتيجة، والهروب والمبالغة لا يؤديان إلا إلى الفشل وتثبيط الهمم، ولكن بعض زملاء الصحافة ما زالوا يعيشون في زمن غير زماننا، وليعذرني الأخ الحميدي الحربي؛ لأنه في نظري يبدو أحد هؤلاء الذين تشبثوا بأشياء وما زالوا عليها.. وهي لم تعد تقنع، وخصوصاً أن الصحافة أول ما يتطور في زمن العولمة.. وكثيراً ما تستوقفني زاوية (مع الأحبة) التي يرد فيها الزميل والأخ الحميدي الحربي على بعض من يريد أن يعتذر لهم عن عدم نشر قصائدهم وخصوصاً الرد القائل: إن نشر القصيدة حجبها طولها. أنا أرى في مثل تلك الردود تكميما للأفواه وتكبيلا للإبداع، فهو يطلب ويرفض نشر قصيدة ربما تكون جيدة وجميلة لأنها طويلة وربما يترك لقصيدة ما حرية النشر لأنها قصيدة قصيرة بهذا المفهوم. لا يختلف اثنان أن نهج الشعراء يختلف؛ فمنهم من لا يعرف إلا الإطالة وهو يجيد كل الإجادة عندما يطيل في قصيد ما غزلية كانت أو غير ذلك، وهناك من الشعراء من ينحو منحى الاختصار والاقتصار ويجيد كذلك، ونحترم الاثنين على السواء ونقدر إبداعهم، أما أننا نرفض ذلك لأنه يطيل فهذه دكتاتورية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. ويعتذر أحياناً بأن الخصوصية منعت نشرها، ونرى أنه ينشر لشاعر آخر قصيدته مغرقة في الخصوصية ولا نعلم أين الخصوصية وما هي الخصوصية؟.. وأنا أرى أن أية قصيدة لا يمكن أن تبتعد عن الخصوصية فالشعر داخلي يخرج للعلن شعراً عندما يتجسد شعور الشاعر في ألفاظ وجمل تعبّر عن شعوره تجاه أمر ما. فهناك خصال تستلزم الإطالة للوصول إليها، وهناك أشياء تستلزم الخصوصية ليخرج بشعور إنساني جميل ينطبق على أغلب بني البشر، أكاد أجزم أن كل الشعر لا يخرج عن الخصوصية. أعذار يقدمها الأخ الحميدي الحربي وزملاء آخرون في مجالات أخرى لا أرى أن لها مصداقية؛ فهي أعذار واهية قد تقتل إبداعات المبدعين وفي كل المجالات.. فأرجو من أحبتنا وبقية إخواننا في جميع العلوم الإنسانية والطبيعية والصناعية أن يبتعدوا عما يثبط ويحجم إبداعات الآخرين. لمسة أخيرة: الشاعر محمد العايد. إن طلعتي يضحك سهيل ويهب النسيم وان ضحكتي يجفل البرد ويذوب الظلام