لم أتفاجأ بتصدر وزارة التجارة والاستثمار الجهات الحكومية في مؤشر «رضى المواطنين» وتحقيق أهداف ومبادرات رؤية المملكة 2030؛ وفق ما صدر عن المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكومية؛ بسبب تحولها النوعي في الإجراءات والخدمات ومعالجتها المعوقات وفق رؤية إستراتيجية تعتمد حاجات المستفيدين قاعدة لها والخدمات الإلكترونية وسيلة لتحقيقها. يركز الغالبية على التحول التقني الذي أسهم في نقل خدمات الوزارة إلى مرحلة متقدمة من الاحترافية الإلكترونية وأسهم في تحقيقها رضى المستفيدين؛ إضافة إلى مراكز الخدمة الشاملة؛ والتحول من البيروقراطية التقليدية إلى دينامايكية الخدمة؛ غير أن التحول التشريعي لا يقل أهمية عن التحول التقني؛ لما له من أثر كبير على جودة الخدمة المقدمة وآليتها وزمن تنفيذها. أحسب أن تطوير تشريعات وزارة التجارة والاستثمار، وإعادة الهيكلة وفق رؤية 2030، وتدشين منصة لقياس تقدم المنظومة بشكل إلكتروني واستباقي؛ هي قاعدة التحول الرئيسة التي عززت عمليات تطوير خدمات الوزارة بأنواعها. فرضى المستفيدين لا يمكن تحقيقه من خلال الخدمة النهائية فحسب، بل من خلال منظومة متكاملة من العمل المؤسسي المُحقق للبيئة التشريعية والخدمية والتقنية الضامنة لكفاءة المخرجات. ما أود الإشارة إليه أن العمل المؤسسي الذي قام به معالي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، وفريق عمله بمستوياته المختلفة؛ أسهم في صنع البيئة الصحية الحاضنة للنجاح، وبالتالي تحقيق متطلبات التحول والتطوير الشامل الذي أفضى لكسب رضى المستفيدين، وبالتالي تصدر الجهات الحكومية. يقود الوزير القصبي عمليات التحول والإصلاح في مواقع عدة، ويحمل ملفات كثيرة ومتنوعة، ويرأس لجانًا مختلفة، ويحمل عبء وزارتين في آن؛ غير أنه لا يكل من العمل وينتهز أية فرصة يزور فيها مناطق المملكة للإشراف المباشر على مخرجات وزارتيه. ولعلي أستشهد بجولته المهمة في المنطقة الشرقية خلال اليومين الماضيين، واجتماعه بمعالي الأمين، وزيارته مرافق مختلفة والإطلاع على عمل الأمانة في المنطقة. توقفت كثيرًا عند مطالبة الدكتور القصبي بتذليل العقبات كافة أمام المستثمرين وتشجيعهم لخلق بيئة استثمارية جاذبة ومتميزة؛ وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا بمراجعة التشريعات الاستثمارية البلدية وآلية تطبيقها، وتعزيز النزاهة فيها، وإيجاد مرجعية التقاضي المستقلة، ووقف تركز الاستثمارات لدى الشركات الكبرى، وتوزيعها على أكبر قدر من المنشآت، ومراجعة العقود الاستثمارية وفحصها، والتحقق من تقاطع المصالح في اتخاذ القرار الاستثماري، وتفعيل منصة المناقصات الإلكترونية، ومكافحة التستر، وعدم تحويل الاستثمار التنموي إلى أداة لتعظيم دخل الأمانة على حساب المستثمرين، وبالتالي كوسيلة للتميز الإداري. المبالغة في رفع قيمة العقود قد ترفع حجم الإيرادات لعام أو عامين، غير أنها ستتسبب في خروج المستثمرين وبالتالي انقطاع الإيرادات لانخفاض العائد وعدم جاذبية الاستثمار. أعتقد أن وزارة البلديات في حاجة إلى استنساخ النجاح المحقق في وزارة التجارة والاستثمار، فهي من بين الوزارات المتذيلة لمؤشر القياس الحكومي، ورضى المستفيدين، وأحسب أن الوزير ماجد القصبي قادر على تحقيق هذا الهدف -بإذن الله.