ومضى شهر على فراقك يا جدي. مضى شهرٌ كاملٌ دون أن تفارقني تلك الغصة، ولا ذاك الشعور الموجع كلما أرى صورتك، ولا تلك الدموع الهاطلة مع كل دعوة لك رحمك الله. مضى شهرٌ كاملٌ من حياتنا دون أن يجعلني أصدق رحيلك، ودون أن يمنعني من الإحساس بأني سأراك قريبًا. مع أني راضية بما قدره الله ولكنها كانت صدمة. حصل كل شيء بسرعة كبيرة لدرحة أني لم أكن متوقعة (أبداً) رحيلك عنا حتى عند رؤيتي لك متعبًا. فقد عشت مع جدي الآخر تجربة شبيهة قبل عدة شهور، وشقي ولله الحمد. ربما هذا ما جعلني أجزم بأني سأراك قريبًا في بيتك متخلصًا من هذه الأجهزة لا تشكو مرضًا ولا ألمًا. ما زالت صدمة فراقك باقية توجعنا وتبكينا. رأيت هذا الألم في وجه أختي عندما كنت أعدّ لها وفيات هذا الشهر من معارفنا ووصلت لاسمك وقالت لي بنبرة حزن: «لا تقولين بابا عبدالله». أو حتى عندما كنا قريبين من قبرك وقال أخي الأصغر: «قبر بابا عبدالله قريب من هنا» وردت عليه أمي بنبرة حادة: «لا تتفاول عليه» ثم أدرَكَتْ أنه رحل إلى خالقه وترحمت عليه. حتى أن وفاة من أسمع بأساميهم لأول مرةٍ صار يبكيني. والألم الأكبر أراه في عينيّ أبي المعتاد على زيارتك كل مغربية في بيتك. اشتقنا لحديثك الوافي، ولابتسامتك الصادقة، اشتقنا لنقائك ولطيبة قلبك ولشخصٍ نادرٍ لن يتكرر. الحمد لله على كل حال. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراق حبيبنا والله لمحزونون. جمعني الله بك مع كل من أحَبَّك في فردوسه الأعلى على سرر متقابلين.. ** ** - حفيدتك: دانية بنت ماجد عبدالله الحقيل