لم تعد معالجة الأمور السلبية والتصدي لمحاولات تشويه سمعة المملكة العربية السعودية في الخارج محصورة ضمن الجهود الفردية والشخصية، وتعود لنشاط سفير وطاقم سفارته في بلد ما، إذ تشهد المملكة تغييراً وتماشياً مع تطوير مجمل الأعمال والأساليب في مختلف الاتجاهات والاهتمامات، وكون تحسين الصورة النمطية ومعظمها سلبية تجاه المملكة في الخارج بما فيها في بعض الدول العربية والإسلامية، تدخل في نطاق عمل واهتمامات وزارة الثقافة والإعلام ووزارة الخارجية، فإن التنسيق والعمل بينهما الذي كان في السابق غير واضح، رغم تشبث كل جهة بأنها تعمل ضمن إمكاناتها، وأنها وحدها الجهة الرسمية عن تحسين صورة المملكة في الخارج. سابقاً وحتى الآن تتشبث وزارة الخارجية بأنها هي الجهة المسئولة، وأنها تملك مكاتب ودبلوماسيين يقومون بالجهد الإعلامي، ورغم قصور ذلك الجهد، بدليل ترسيخ الصورة النمطية السلبية للمملكة في العديد من الدول، وأعود للقول إن هذه الصورة لا تزال لدى العديد من المجتمعات العربية والإسلامية، رغم قرب هذه الدول منا ومعرفتهم بنا، وبعضهم من ساندناهم وقدمنا كثيراً من الدعم لهم. رغم ذلك بعضهم، ونقول بمنتهى الصراحة، يكرهوننا.. لماذا؟ كثيرة هي الأسباب، والتي لا يجب أن نكرر ترديد الحسد والحقد، بل لأننا لم نحسن تسويق بلادنا وأنفسنا، ولم نتعامل بما يستحق التعامل معه مع من يسيئون لنا، وبما أننا نتحدث عن تحسين الصورة فينحصر حديثنا عن تسويق الصورة الإيجابية للمملكة، وهو دور يجب أن يناط وتتكفل به وزارة الثقافة والإعلام، تساعدها في ذلك الوزارات والجهات الأخرى، كوزارة الخارجية، وهيئة السياحة والآثار، ووزارة الشؤون الإسلامية، والجهات والدوائر الأخرى كمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ولعل علامات التفاؤل التي بدأت تظهر بما تقوم به وزارة الثقافة والإعلام التي كشف وزيرها الشاب الدكتور عواد العواد أن معظم من يكتب سلباً عن المملكة كانوا سابقاً يكتبون عن جهل، أما اليوم فهناك 30 في المائة يكتبون سلباً متعمدين الإساءة للمملكة، مضيفاً أن ال70 في المائة الأخرى يبحثون عن خبر جيد عن المملكة لنشره، لذا قمنا بالتواصل معهم، ومنهم من زار المملكة وخرج بانطباع إيجابي. عمل جيد مع أن وزارة الثقافة والإعلام لم تعلن عن الكتاب والإعلاميين والصحفيين الذين زاروا المملكة، إلا أن ما نرصده من كتابات من شخصيات إعلامية كبيرة يؤكد أن هناك جهداً يبذل، وقد كشف الدكتور العواد أن هناك فريقاً إعلامياً كبيراً يشكل مركزاً للإعلام الدولي يتكون من 45 شخصاً، يقرأ ما يكتب عن المملكة، ويحلله، ويتابع التقارير العالمية على مدار 24 ساعة، وطبعاً يقوم هذا الفريق برسم وصياغة الحملات الإعلامية ويقوم بالرد وبأساليب علمية تتوافق مع طبيعة البلدان الأجنبية وقد حقق هذا الفريق إنجازات كبيرة يعززها ما تشهده المملكة من إصلاح ومسيرة تنويرية ومبادرات ومشروعات ثقافية واقتصادية وسياسية وحتى دينية، ومنها ما يقوم به مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي يعمل بجهد واضح على تصحيح الصورة المغلوطة عن المملكة، وآخر ما أنجزه المركز هو إطلاق مشروع سلام للتواصل الحضاري، شارك فيه ممثلو 4 جمعيات ومؤسسات أهلية، إضافة إلى وزارتي الخارجية، والعمل والتنمية. وهكذا فإن التصدي لمعالجة كثير من القضايا والموضوعات التي تركت كثيراً حتى بدأت تظهر إفرازات سلبية، وأن يتم التصدي بصورة علمية، ومن قبل فرق متخصصة تقوم بها وتوجهها الوزارات المعنية وليست التي تعدها إضافة إلى عملها. ولهذا فإن المطلوب أن تكمل وزارة الثقافة والإعلام دورها وجهدها الحالي في تحسين صورة المملكة في الخارج، وأن تطالب بإنشاء مكاتب إعلامية متخصصة في الدول الكبرى والمهمة في البداية، ثم تعمم ذلك مثلما تعمل الدول الأخرى لتقوم بتوضيح ونشر ما تشهده المملكة من تطوير وإصلاح ومسيرة تنويرية، وتسوق لمعالمنا التاريخية والثقافية والتراثية وتعرف بنهضتنا وثقافتنا.