وحدها الدول المؤثرة والمحورية في مناطقها وقاراتها، تكون هدفاً للحملات المضادة الجائرة التي تحاول النيْل من تلك الدول، والمملكة العربية السعودية واحدة من الدول المؤثرة والمحورية ليس في منطقتها العربية وريادتها في الأمة الإسلامية، بل إحدى الدول المؤثرة جداً في المحيط الدولي على المستويين السياسي والاقتصادي. فالمملكة عضو مجموعة العشرين لأهم عشرين دولة على الساحة الدولية، تُعد (بيضة القبان) في الاستقرار الاقتصادي الدولي لإدارتها الحكيمة لاقتصاد الطاقة، هذه الإدارة التي جنّبت العالم العديد من الهزات الاقتصادية، وحافظت وبكثير من التضحية على استقرار الاقتصاد العالمي، كما كان ولا يزال لإسهامها وتفاعلها مع الأحداث السياسية بالعمل على تحقيق السلم والاستقرار العالميين، أثرٌ طيب في معالجة الكثير من القضايا والأزمات العالمية، ودولة مثل هذه، لا بد وأن يسعى الكثير ممن لا يريدون مزاحمة الآخرين لهم أن يثيروا أمامها العراقيل وينثروا الادعاءات الكاذبة ويروّجوا الإشاعات، محاولين تثبيت صور نمطية تستهدف عقيدة المملكة العربية السعودية وانتماءها الديني والقومي، وهما أكثر ما يتعرضان للنيْل والتشويه من قِبل أعداء العرب والإسلام، وفق التوجه الذي تقوده قوى دولية تنتهج إستراتيجية لإضعاف القوى الدولية الصاعدة التي تمتلك مقومات المنافسة، ولهذا فإن هذه القوى تعمل على الترويج لصور نمطية سادت لفترة طويلة، استهدفت تشويه صور الإسلام والمسلمين، واستندت على ممارسات خاطئة لفصائل محسوبة على الدول الإسلامية، ومع أن المملكة العربية السعودية وعدداً كثيراً من الدول الإسلامية واجهت هذه الممارسات والأخطاء، مما عرَّضها إلى مخاطر عدة، حيث ساهمت في تقويض الأعمال الإرهابية وعملت بكل جد ومثابرة على إصلاح التشوهات في كثير من الدول والمجتمعات، إلا أن النوايا والأهداف التي تعمل لإضعاف الدول الإسلامية، سعت ولا تزال إلى تشويه صورة هذه الدول، وبالذات الدول الرائدة والمؤثرة وبخاصة المملكة من خلال الترويج وترديد الصورة النمطية باتهامها كدولة تشجع الإرهاب رغم أنها من أكثر الدول تضرراً من هذا الوباء، وأنها من أشرس الدول مواجهة له وقدرة على مكافحته وأكثرها عملاً لمحاصرته، وهذا ما يتطلب جهداً موازياً لما يقوم به هؤلاء الأعداء، وبما أن هذا العصر هو عصر هيمنة الإعلام الذي تطور وأصبح السلاح الأكثر تأثيراً في العالم الذي أصبح عبارة عن قرية كونية كبيرة، مما يفرض على المملكة أن تطوّر هذه (السلاح) وتدعمه بالكفاءات وتوظيفه التوظيف الأمثل والصحيح، ولهذا ومن باب تنويع مصادر القوة فلا بد من تطوير المواجهة بمؤسسات ودوائر متخصصة، ويأتي في مقدمة ذلك نشر ملحقيات ودوائر إعلامية في جميع الدول والتجمعات الدولية المؤثرة، فدولة محورية وقيادية كالملكة العربية السعودية لا يجوز أن تفتقد سفاراتها في الخارج لمثل هذه الملحقيات والدوائر، وتُسند هذه المهمة كوظيفة ثانوية لأحد الدبلوماسيين، وأن يكون دور هذا الموظف هو عمل ملخصات لما يُنشر في صحف البلد الذي يتواجد فيه، ومتابعة ما تبثه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة دون أن يكون له دورٌ إيجابي بالقيام بالمشاركة في البرامج الحوارية وبناء تواصل وعلاقات مع رجال الإعلام في الدول التي يتواجد فيها، وتوفير المعلومات والدراسات وتنظيم الرحلات للكتَّاب والصحفيين المؤثرين للمملكة لمعرفة التطور الذي يشهده البلد والوقوف على الموقف الحقيقي لسياستها الأخلاقية وإلغاء الصورة النمطية التي يعمل أعداء المملكة على إلصاقها بها. تقريباً، جميع الدول لا تُوجد بها ممثليات وملحقيات إعلامية، ويقوم بهذا الدور الدبلوماسيون التابعون لوزارة الخارجية وهو دور يُشكرون عليه، إلا أنه ومهما اجتهدوا فإن المتخصصين وإنشاء ملحقيات إعلامية متخصصة يقودها مستشارون إعلاميون، وهم والحمد لله كثيرون تزخر بهم الصحف والمؤسسات الإعلامية، ولا يفترض أن يكونوا من موظفي وزارة الثقافة والإعلام، ومن الإداريين البيرقراطيين، فالعصر عصر التخصص والحرب الإعلامية هي الأكثر تأثيراً في هذه المرحلة التي علينا أن نعد ونُهيئ أدواتها بكثير من العلمية وتجاوز الأساليب التقليدية.