جاء بالحديث الذي يملي على حال من مثلي، بل يلزم مفرداتي أن تفيض: (إذا صلوا على جنازة فأثنوا خيرًا، يقول الربّ أجزت شهادتهم فيما يعلمون، وأغفر له ما لا يعلمون) صححه الألباني. .. يوم فراقك يا أمِّ لم أنس.. وكأني غدوت من أهلي كيف هي حالتي! ك( فؤاد) أم موسى - عليه السلام - فارغًا لولا أن ربط المولى علي.. وان كادت عواطف القلب لتبدي إزاءك من نواحِ الأمومة إذ هي المهيمنة علي لحاظها بغالب ما ترقبه ومسار ما توجه تلقاءها نبس... الدنيا تمضي على غير اختيار من الطرفين المقيم والظاعن معًا.. ولو (إثر قساوة تحصيلٍ معاشها)، سوى أن لا ينتهي ظرف أحدهما آن يقض ب(البين) وهو الفيصل.. فما الذي بقضاء الله نصنعهُ لأن ذاك هو (اليقين) الذي لا أقرب من الشك منه، وإن كان يأتي على حين غرة (بلا سابق إنذار) درجة أن/كأن الموت لم يخطر ببال .. يقع فيقطع ك(قول كل خطيب) ك.. مختتم إلى الذي ما بعده نزر يأبه به مما تبغِ. وإن بقي بصيص كنت تتعنى له تصنعًا بدواخلك ك منافذ لسراب أوقفت على مرافئه مراكبك بآمالٍ واهنة.. لكنها باقية بقاء استنشاق الأنفاس فيما كل أسلحتك أن لعل أو (عسى..) يومًا ترجو مطاولتها .. هنا: أقف عن سرد ما تجيش به تعابيري خلف ما أملاه علي (الفراق).. لأهدي طريقي قبل أن يظلله السامر الذي لا أحسبه بمثل هذا الظرف سيطرب فما ترانيمه شافعة وهي حرى (حائرة) بين رفد ترفد أن تتدافع ملامي من أن يفيض من جوى ما أجد، فلا أجد متكأً لجنبي يعضد سوى جنبي الآخر.. فأنا: أجول ببعضي فوق بعضي كأنني.. ببعضي لبعضي كالنجائب والركبِ .. فما أقاوم إلا اصطبارًا بما نظمه أوائلنا: (لا تهلك أسى وتجلدِ) أو.. كما قالت الخنساء/ فلولا كثرة الناعين حولي .. وهي ترمي/ تتعزى بأن لا أحد إلا وشكا أو شجا.. لأنه بيوم (فقد) بل هو ذاته يومًا سيُفقد.. ولاغرو فأعظم تجمّل/ هو ما صح عن رسولنا عند البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة». فاللهم ارزقنا الصبر على فقيدتنا والاحتساب إليك (وحدك) .. فإن في الحديث من دلالة كافية وافية عما أرنوه، بالأخص والراحلة تعني لي الكثير، درجة أن مهجتي تبعث صدى لا أدري، هل أنا أتأنق بالكلم أم أتصنّع زخرفًا من القول بتعابيري التي هي الأخرى أمست تعزف لحن الرحيل بطريقة من تغزْل خيوط حال متضعضعٍ متهاوٍ يكاد ينقض بنيانه.. لولا بقية من رزانة العمر تسندها، بل تبذل ما يمكنها لتقيمه (شدًّا من أزره) فيما هي لا تعدو محاولة متحذلق أنشئها بنشوى خطاب لا يرى العِبر عائمة هذا طرّا الذي أعلمه وأتحسس علو وقعه الخطى، فأبوح: إني حزين بجدّ على فراقها، شجيّ لبينها.. أُلامس مواضع مآثر وذكرياتٍ لدي، فأجول بفؤاد خجول في مخابرها خلف بقية مما ترك وجدها في أعماقي.. وأنا أنادي ولا مجيب يوصل ما انقطع من شجوي، عدا رجوٍ في أواخر ما أبقاه فننها العذب في كوبي وقد انسكب ماؤه من أدمعي.. وعذري ما لاح إليه أبو الطيب: وما خَضَبَ النّاسُ البَياضَ لأنّهُ قَبيحٌ، ولكِنْ أحْسَنُ الشَّعرِ فاحِمُه فيما البقية تناهت إلى خيلات تحملها مهجة لا تستطيع - إن غارت بالأعماق - أن تجد لها طلبًا.. فتعود.. لتعيد - وهذا سلمنا مع الحياة - سجع ألحاني بالدنيا كما كانت، واطراب أنغامي وقد تفلتت عقدها وتناثرت أطنابها، وقد قالها الشابي: فهذه الحق، وما سواها هذر بلا منطق، عدا ظرف الفراق سراعًا أو ذميل عندها المتحكم... ف(لا تحكم وأنت غاضب)، كذا نصح أهل الحكمة وإن كانت الظروف قُدمًا تحطّ وتغادر، حسبما يذروها من رياح العمر بلا انتظار أمر، ولا استماع نطق (حكم) تتذرع به، إن طالها ملام أو نابها عتاب .. فهل من لائم إن تنهدت ب/ من يعيد لي العمر الذي ذهبا؟ هذا.. وإن أمسى الحاضر وهو قاتم: تَكْمِلَةُ العَيشِ الصِّبا وعَقيبُهُ وغائِبُ لَوْنِ العارِضَينِ وقادِمُهْ أعود.. من غفوات العمر والمضي وراء خضاب عارضية عنادًا عن الاستسلام لما امتشقته بي الأيام .. إلى الركون لإيماني فهو (وحده الركن) إن اختلت أو تهاوت أركاني مرددًا «لا إله إلا الله»... هذا وجه من وجومٍ كان يملى عليّ يومًا أدينا به صلاة (الجنازة) بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب حي الخليج ببريدة.. على الفقيدة التليدة الأثر (خالتي): عبطاء بنت عبدالعزيز بن عبدالمحسن المطلق والاسم - بالمناسبة - هو من(ع ب ط) أي: مات فلان عَبْطَةً (صحيحًا شابًّا) .. غادرت (الاثنين) قبيل الفجر من سادس عيد الفطر المنصرم، وكأنها آثرت معايدتنا إبان المضي إلى سبيل ربها، شفقة علينا أن يذهب نضارة العيد عن أفقنا.. أسى على الرحيل .. فيما كانت من قبل سائرةً خفافًا بين نادي أهلها بلا وجيف ولا ركاب .. لكن العجب بأمرها أنه لم يحمِ وطيس أثر فراقها (بنا) إلا / يوم واريناها الثرى.. فيا رب إنك مالك آمر الورى يا عالم الحركات والسكنات اجعل لمن رحلوا إليك مفازةً ومآلهم ربي إلى الجنات لكن يجمل سبب نوحي ليزول العجب أنها: ذات قلب أبيض نقي، لا يحمل على أحد كدر ولا إدلاء.. بل ما يغيض به أو يفيض منه إلا حب خالص صافً.. ف/ لا ملام (يصحب) على مقصّر ولا عتاب (يلمّح) على متقهقر أجل (كتب ربي) هناك أجلها فنودع في ثرى (الموطأ) مع خواتيم تلك الليالي (العيد) سعد قلوبنا: تلكم الصفية النقية.. وهي آخر أمهاتي من الخالات.. لأن (الخالة بمنزلة الأم) الحديث... وأمدّ في تجلية عن هذا؛ فهي - وعلى رغم بساطتها - كانت محبوبة جدًّا، وللجمع مرغوبة؛ لأنها تألف وتؤلف (كذا وصف الحديث: المؤمن) وينال من استطال بذاته فبلغ إلى ذاك العزيز مناله.. ولا أجد حزازة أن أسوق ما كانت.. .. ما سطرت ليست مفردات بل آهات نزفت من وريد ابنك.