من يعش الأوضاع القاسية التي تفرضها المليشيات الطائفية والجماعات الإرهابية التي أرسلها الحرس الثوري، سواء تحت غطاء الحشد الشعبي أو لواء فيلق القدس، ومن يشاهد ما يعانيه المواطنون العراقيون من السنة العرب في الفلوجة وقبلها كل المدن العراقية التي طردت منها داعش، وتعرض أهلها لانتقام طائفي بغرض فرض ترحيلهم من تلك المدن وإحلال من جلبوهم من الجنوب العراقي، وحتى من إيران، لابد أن يتوالد داخله ردة فعل توازي ما يشاهد من انتقام من قبل قوى الإرهاب والشر التي جُلبت للعراق، ولم تحضر معها سوى الدمار والفتن. أوضاع أهالي الفلوجة وما آلت إليه حالتهم البائسة ليست الأولى التي تحصل في المدن العراقية التي تسكنها أغلبية عربية سنية؛ فهؤلاء المواطنون ليسوا من أحضروا تنظيم داعش الإرهابي ولم ينخرطوا في صفوفه، وإنما فرض عليهم واستبعدهم مثل كل جيوش الاحتلال التي تفرض هيمنتها وسيطرتها، وتعمل على إذلال من تحكمهم. هذا ما عاناه أهل الفلوجة وقبلهم أهالي تكريت، وجرف بغداد، وما يعانيه الآن أهالي الموصل الذين لا حول لهم ولا قوة، وبدلاً من أن يحمل هؤلاء الذين تحملوا ظلم وقسوة عناصر داعش الإرهابية على من يخضعهم للاستجواب والتعذيب حتى الموت أن يحاسبوا مَنْ مكَّن داعش من السيطرة على الفلوجة وتكريت والموصل وديالى، عليهم أن يحاسبوا حكومتهم التي كان يرأسها كبير عملاء إيران نوري المالكي الذي فتح مدن العرب السنة أمام عناصر داعش الإرهابية بعد هروب قواته وكبار قادته وجيشه الذي كان يضم أكثر من ألف فريق، فضلاً عن آلاف اللواءات والعمداء والعقداء. كل حملة تلك الرُّتَب الكبيرة تركوا أهالي المدن العربية السنية لتواجه مصيرها وتقع تحت مطرقة عناصر داعش الإرهابية، واليوم يحاسب أهالي هذه المدن بزعم خضوعهم لهذا التنظيم الإرهابي، وهم الذين هربوا من أمامه. من تابع ما يتعرض له هؤلاء المظلومون من ظلم وقهر وتعذيب على أيدي عملاء إيران من عناصر الحشد الشيعي أو فيلق القدس وجنود الحرس الثوري، ومن عايش حالة القهر والظلم الفادح لابد وأن تكون ردة فعله أبعد وأكثر عنفاً وكرهاً من داعش، التنظيم الذي ولد من رحم الظلم والممارسات الطائفية ومثلما صنعت المليشيات الطائفية داعش باستهدافها المكون المذهبي الآخر، تعمل الآن على صناعة وحش طائفي آخر أكثر إرهاباً وعنفاً من داعش.