تلقينا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من رجل الأعمال الشيخ / عبد الله بن صالح الشريدة نعي وفاة الإخوة المصريين الذين حصل لهم حادث مروري أثناء أداء مناسك العمرة بمكة المكرمة.. تلقينا النعي كتابة وصوتاً مع عبرات الحزن التي امتزجت بصوته ناعياً «خمسة» مصريين يعملون في مصنعه. نعاهم بعد أن حمد الله واسترجع على قضاء الله وقدره، وفاتهم في اليوم السابع عشر من الشهر الخامس سنة: سبع وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة. تلقينا النعي من الشريدة راجياً من جميع أعضاء التواصل الاجتماعي تفعيل خبر الوفاة ومكان وموعد أداء صلاة الجنازة على أرواحهم الطاهرة؛ فأحدثت وسائل التواصل وتفعيلها لأبناء بريدة ومحافظات المنطقة ومراكزها تلبيه النداء احتساباً لأجر أداء الصلاة، والتشييع، والدفن؛ لإخوانهم المصريين الذين لا يقلون أخوة عن جيرانهم، وأصدقائهم، وزملائهم! لذا ازدحمت الطرق، والشوارع، والأزقة المؤدية إلى جامع الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب الواقع جنوب غربي وسط بريدة القديمة الذي يعد من أكثر الجوامع حضوراً لأداء الصلاة، وصلاة الجنائز... وامتلأ صحن وساحات الجامع من المصلين السعوديين والمصريين وغيرهم من المسلمين الذين حرصوا على نيل أجر الصلاة، والتشييع، والدفن، والعزاء. هذا وحمل المشيعون من السعوديين والمصريين «الخمس» جنائز من المصلى على الأكتاف تحملهم أقدامهم إلى مداخل مقابر الموطأ؛ وهم يرددون الدعاء إلى الله أن يرحمهم، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يجبر مصاب أهلهم، ويصبرهم على هذه المصيبة العظيمة التي اكتوى بحرقتها من سمع بها من السعوديين الذين شيعوها مع إخوانهم المصريين الذين وجدوا عمق التلاحم الأخوي في ساحة المقبرة وهم ينزلون النعوش من على أكتافهم إلى الساحة؛ لأجل تعاقب المتأخرين لأداء صلاة الجنازة على أرواحهم الطاهرة، وهي مسجاة على الأرض إلى أن بدأت مراسم الدفن الذي تولاه عدد من السعوديين الذين حرصوا على أن يقفوا مع إخوانهم المصريين في هذه المصيبة! انه مشهد عظيم جسده السعوديون وهم ينزلون القبور لانزال جثامين إخوانهم منهم من حل الأربطة، ومنهم من وجّههم إلى القبلة، ومنهم من وضع اللبن وأشبعه بالطين إلى أن بدأت مواراة جثامينهم بحثيات من التراب داعين الله لهم بالرحمة والمغفرة وراجين أن يثبتهم في المسألة عند السؤال. إنه مشهد بهر الاخوة العرب والمسلمين، وهم يعيشون هذا الحب من المشيعين السعوديين لإخوانهم المصريين؛ كأنهم أبناء بلد واحد لا فرق بينهم وبين المواطنين السعوديين! نعم انها أخوة الإسلام التي جسدوها في المقبرة وهم يترحمون على إخوانهم ويقدمون لهم الخدمات التي يحتاجونها بمثل هذه المواقف.. مع إخوانهم أثناء الصلاة، والتشييع، والدفن، والعزاء، وعلامات الحزن غشت وجوه الجميع رافعين أكف الدعاء إلى الله أن يصبرهم ويخفف عنهم الحزن على مصابهم، وهم يرددون اللهم عظم أجركم وأحسن عزاءكم واغفر لأمواتكم، فآلاف السعوديين والمصريين يتقدمهم في سرادق العزاء الشريدة وعلامات الحزن لا تفارق عينيه التي جسدت عمق التواصل الذي يقدمه أبناؤنا في السراء والضراء لإخوانهم العرب والمسلمين، وهذا الذي عاشه الإخوة المصريون وغيرهم من المقيمين، والوافدين، والزائرين من الحب الذي وجدوه في بلادنا من السعوديين حكومة وشعباً لا يقل حباً عن إخوانهم المواطنين. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.