فُجِعت عائلة القاسم بوفاة عميدها الشيخ عبدالله بن حمد القاسم مساء اليوم التاسع عشر من الشهر العاشر سنة خمس وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة عن عُمر يُناهز خمسا وسبعين سنة، قَضَى أجلّها حريصاً على مُلازمة المسجد؛ لأداء النوافل، وتلاوة القرآن وتدبره، وحبّاً للفقراء، والأرامل، واليتامى، مُتفقداً حوائجهم داخل الحي الذي يسكنه، وأطراف الأحياء النائية، وصلة رحم أقربائه الذين وجدوا فيه نِعم القريب الواصل لكبيرهم، والعائِد لمريضهم، والمتفقد لحوائج فقيرهم، وصلة رحمه لأخته الوحيدة التي لم تنقطع وهو في المشفى على السرير الأبيض داخل العناية المركزة، ماداً يده إلى يدها، وشاداً عليها، ومحاجر عينيه تفيض أدمعها، والحزن خيّم على الحضور من أبنائه، وبناته، وهم واقفون على رأسه الذي يعلو السرير حزناً من هول مشهد وصله بأخته، ويد والدهم مصافحةً تمتد ليدها بشدّة وهي تبكي ساعة خروجها منه صابراً على مرضه المزمن الذي عانى من آلامه سنوات إلى أن اشتد عليه وأفقده الحركة، والكلام، إلاَّ حركة يده اليُمنى وهي تمتد بمصافحة، وضم يدها إلى أن خاف عليها الحضور من الانهيار، والوقوع على الأرض، فأخرجوها من العناية تاركةً أخيها على السرير الأبيض، رافعةً أكفّ الضراعة إلى الله العليّ القدير أن يهوّن عليه آلام المرض؛ لأنها عاشت ساعة عصيبة وهي تُشاهده يتجرّعه صبراً، واحتساباً للأجر من الله العليّ القدير إلى أن علمت من زوجها وهي خارج العناية بوفاته، إنه مشهد عظيم عاشته أخت مع أخيها وهي لا تدري أنّه آخر لقاء بينهما، وهي تودعه وداعاً جسَّد عظم صلة الرحم الذي أكمله باقي أفراد أسرتها في مراسم تشييع جنازته إلى الحرم الشريف؛ لأداء الصلاة على روحه الطّاهرة، وهم مُصطفين يمين، وخلف الإمام مع جموعٍ غفيرة داخل الحرم، إلى أن انتهت الصلاة، وحملوه على الأكتاف، وخلفهم المشيّعون الذين حضروا؛ لأداء الصلاة، وتقديم العزاء لأسرته التي خيّم عليها في ساحة مقبرة العدل الحزن من هول المصيبة، إلاَّ أن مواساة بعضهم لبعض، وصلتهم أحيت ذكرى والدهم، وأخويه الذين أنسلوا الكثير من الأُسر الكريمة التي لها حضور في مُختلف المناطق. وحظيت عائلة فقيدهم بحضور، ومواساة، وتعزية من أصحاب السمو الملكي الأمراء، والمعالي الوزراء، والفضيلة العُلماء؛ لتقديم تعازيهم لعائلته في منزلهم في حي العوالي بمكة المكرمة. هذا وتعازينا لأبناء، وبنات، وأخت، وأفراد أُسرته كافة. إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.