أمر المغفور له بإذن الله موحد هذا الكيان العظيم الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بإنشاء مكتب الجهاد والمجاهدين وذلك في عام 1368ه، وكانت تلك اللبنة الأولى ليتحول ذلك المكتب إلى نواة للحرس الوطني في سائر أنحاء المملكة وذلك في العام 1374ه، ثم توالت الخطوات تقدما إلى الأمام لتبدأ تشكيلات الحرس الوطني حسب الاحتياج والظروف فيما مضى وحسب الإمكانات في ذلك الوقت، وكان الحرس الوطني في تلك البدايات يضم أعدادا كبيرة من المجاهدين الذين شاركوا موحد الجزيرة في تأمين وتوحيد البلاد رجالا مخلصين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهكذا صدر الأمر الملكي الكريم بتشكيل الحرس الوطني الذي يضم نخبة من ألوية المجاهدين ليكونوا النواة الأولى، تبع ذلك إنشاء العديد من الفروع في كافة أنحاء المملكة بداية بفرع الحرس الوطني في مكةالمكرمة في عام 1374ه، وقد مرت مسيرة الحرس الوطني بتولي عدد من القيادات والقادة له فكان أول من تولى رئاسة الحرس الوطني هو الأمير عبدالله بن فيصل الفرحان، وفي عام 1376ه تولى سمو الأمير خالد بن سعود بن عبدالعزيز رئاسة الحرس الوطني، ثم بعد ذلك كانت القيادة لسمو الأمير سعد بن سعود بن عبدالعزيز واستمرت هذه المرحلة إلى عام 1382ه. البداية الحقيقية للحرس الوطني الحديث والنقلة النوعية كانت مع بداية عام 1382ه والتي تمثلت في تعيين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز (خادم الحرمين الشريفين) رئيسا للحرس الوطني ومنذ ذلك الوقت تم اعتماد إستراتيجية بعيدة المدى لمستقبل الحرس الوطني وكياناته ووحداته وتشكيلاته. حيث توالى بناء خطط التطوير العسكري الشامل المبنية على مفهوم تشكيل الأسلحة المشتركة وتطوير ألوية المشاة ووقعت اتفاقيات مع الجيش الأمريكي لتطوير وحدات الحرس الوطني وألويته وكتائبه على أحدث الطرق والأساليب التعبوية ابتداء من الجندي وحتى أعلى الرتب، وأقيمت الدورات المتعددة لتأهيل الأفراد والضباط وأرسل الضباط إلى كافة الدول المتقدمة لتلقي احدث النظريات والأساليب والمفاهيم العسكرية، وكان ضباط الحرس الوطني مميزين في كافة الدورات سواء الخارجية أو الداخلية، وكذلك على مستوى القيادة والأركان، وفي عام 1387ه صدر أمر ملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز نائبا لرئيس الحرس الوطني، ثم تلا ذلك أمر ملكي بتعيين معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري نائبا مساعدا لرئيس الحرس الوطني.. وتوالت التشكيلات و التنظيمات التطويرية فصدر أمر ملكي في عام 1395ه يقضي باستحداث تعيين نائب لرئيس الحرس الوطني مساعد للشؤون العسكرية وعين الفريق الأول الركن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائبا لرئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية بمرتبة وزير، وقضى الأمر الملكي الثاني بإنهاء خدمات سموه العسكرية وبتاريخ 11-12-1431ه ثم صدر الأمر الملكي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير دولة وعضوا في مجلس الوزراء ورئيسا للحرس الوطني ليترجل سموه عن صهوة العسكرية ويتسلم قيادة أعلى ألا وهي تحويل الحرس الوطني إلى وزارة وتعيين سموه وزيرا لها، وقد كان أبرز حدث على مستوى المملكة في هذا العام 1434ه، ولم يأت هذا الأمر من فراغ بل أتى بعد دراسات مستفيضة وحرص كبير من خادم الحرمين الشريفين على تطوير أجهزة الدولة الفاعلة المؤثرة في المنظومة الأمنية من أجل حماية الوطن وتعزيز مكتسباته ونشر الأمن والأمان في ربوعه والاحتفاظ بمناخ الاستقرار الذي تنعم به المملكة التي تعد جزيرة آمنة مطمئنة وسط محيط هادر تتقاذفه الأمواج العاتية من القلاقل، كما يعد ذلك تدرجا منطقيا لاستكمال المنظومة الأمنية التي أرسى دعائمها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه فأصبحت المملكة بفضل الله ثم بفضل التأسيس المتين دولة عصرية حديثة في مقدمة الدول المهمة والمؤثرة في صناعة القرار الدولي والإقليمي بفضل ما تنعم به من استقرار ورخاء وبما حباها الله من نعم، كما تنعم بقيادة حكيمة ورزينة راسية لاتغيرها الأهواءلا الاتجاهات. والحرس الوطني يقوم بأدوار متعددة لم يقتصر دوره على المستوى العسكري فقط بل هو الجهاز العسكري الوحيد الذي يشارك في كافة الأنشطة الثقافية والصحية والتعليمية والتراثية، ويساهم في الخدمة المجتمعية بكل ما يملك من وسائل ومستشفيات الحرس الوطني تقدم خدمات جليلة للوطن والمواطن، أضف إلى ذلك التعليم الأكاديمي الصحي وإنشاء جامعة ومعاهد ومراكز أبحاث طبية في كبريات مدن المملكة، إضافة إلى رعايته المهرجان الوطني للتراث والثقافة والذي يحتاج إلى كوادر بشرية وإدارية وميدانية لاتملكها الوزارات الأخرى لو حاولت تبني رعاية المهرجان وهو مساند لكل الأعمال الأمنية في كل الاتجاهات ويقدم خدمات مجتمعية يصعب حصرها في مقالة واحدة. والآن ومع تحول الحرس الوطني من رئاسة إلى وزارة أحسب أن أموراكثيرة ستكون في صالح الوطن والمواطن لما لهذه الخطوة من أهمية كبيرة، وستشهد الفترة القادمة بإذن الله المزيد من التنسيق بين كافة ركائز المنظومة الأمنية والعسكرية بما يخدم المصلحة العليا للوطن خصوصا وأن المنطقة تموج في بحر من القلاقل والتربص، ومحاولات بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ونشر أيدلوجيات تحت مسميات كاذبة ووهمية من اجل صراع قومي عقيم أو بذر بذور فتن طائفية عابرة ومعروفة حيث يريد أصحابها أن يروجوا لها ويتاجروا بعقول البسطاء، وإلهاء شعوبهم عما تعانيه دولهم من سوء إدارة أو فشل في السياسة الداخلية والخارجية بغية النيل من الدول المستقرة والآمنة التي تنعم بالاستقرار والرخاء.. والحديث عن مثل هذه الأمور يطول ويطول وهي ليست بالغائبة على كل ذي لب وبصيرة، ويهمنا هنا أن تحول الحرس الوطني إلى وزارة بلاشك يعد قفزة نوعية في سبيل تقدم المنظومة الأمنية والعسكرية والحضارية التي تنعم بها المملكة وتولي قيادة هذه الوزارة من قبل صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، يعد كذلك إضافة رائدة وفي محلها لكون سموه تدرج في خدمة الحرس الوطني منذ تخرجه ملازما وحتى وصوله لفريق أول ركن عاش بين الجنود وشاركهم حياتهم العسكرية وتدرج في العديد من المناصب التي تجعله يعلم كل صغيرة وكبيرة عن الحرس الوطني وهو يحفظ الوجوه ولديه إلمام كبير بالمنسوبين ضباطا وأفرادا، فقد كان الرجل المناسب في المكان المناسب... نتمنى من الله التوفيق والسداد لسموه ولكافة العاملين معه.. في ظل القيادة الرشيدة والحكيمة لمولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وكافة الرجال المخلصين.. حفظ الله لنا أمننا وأدام علينا نعمة الإسلام وكفانا شر الحاسدين.. [email protected]