أهداني في الأسبوع الماضي قائد المنتخب السعودي والنادي الأهلي السابق الدكتور (عبد الرزاق أبو داوود) نسخة من موسوعته العملاقة التي تحكي تاريخ ومسيرة النادي الراقي الذي دخل عامه ال 79, هذا العام وهو يتمتع بصحة فنية عالية, ونشاط تطويري متوثب.. موسوعة رياضية عكف على صياغتها وصناعتها البروفيسور المتخصص.. منذ أكثر من خمسة أعوام, وتتكون من ثلاثة مجلدات, وكل مجلد يحوي ألفاً وخمسمائة صفحة, تتناول وبأسلوب علمي رصين اعتمد على ترتيب وتبويب الأحداث الرياضية والمشاهدات التاريخية والموضوعات التي تتعلق بسيرة النادي الأهلي المخضرم, تاريخ تأسيس قلعة الكؤوس على يد رجالها الأوفياء ورموزها الكبار الذين وضعوا لبنات التأسيس في خمسينيات القرن الفارط (هجرياً), ودعموا حركته البنائية في سنوات مضت ومنهم رائد الحركة الرياضية وباني الأمجاد الأهلاوية الأمير الراحل عبد الله الفيصل، ونجله الأمير محمد العبد الله الفيصل - رحمهما الله - الشخصية التي وضعت أسس الاحتراف الرياضي في البيت الأهلاوي ومفهومه التنظيمي, وأيضاً باني الأهلي الحديث وقلبه النابض الأمير خالد بن عبد الله, وشخصيات إدارية أخرى خدمت (سفير الوطن) بكل تضحية وتفان, وتركت لها بصمات خالدة في الذاكرة الخضراء, كما تتحدث الموسوعة العملاقة عن الأجيال التي تعاقبت على تمثيل الفريق خلال العقود السبعة الماضية, وسرد ذكريات المنجزات الذهبية والبطولات التاريخية والألقاب الكبيرة التي تحققت في مسيرة الراقي وفي مختلف الألعاب. - المؤلف الأكاديمي المتخصص (أبو داوود).. انطلق وبلياقة مهنية عالية في مضمار الضبط والتدوين والحفظ والتوثيق العلمي.. وهو يتحدث عن كيانه وعشقه الأزلي عبر موسوعته الرصينة.. من الألف إلى الياء دون تحيز أو تعصب أو عواطف انطلق وفق أمانة علمية, ورؤية مهنية, وعمق معرفي, وحس تاريخي, وبُعد سوسيولوجي تميز به في إخراج وتقديم إنتاجه الرصين على شكل معالجة علمية منظمة للأحداث والأفكار والأشخاص في فترات زمنية.. ظهرت فيه براعته المهنية في تسليط الأضواء على مساحات الأحداث والمواقف والمعلومات برؤية تحوي الأبعاد الزمنية بحلقاتها (الماضي والحاضر والمستقبل) باعتبار أن التاريخ هو وحدة زمنية وبناء غير متجانس في أحداثه وظواهره وتواليه الزمني, وبالتالي اتّكأ هذا الإنتاج التاريخي الثري على مصادر أولية وثانوية وغيرها من المصادر المختلفة. - تجربة الخبير (أبو داوود) الموسوعية، في كتابة تاريخ النادي الأهلي والتزامه بالتوثيق العلمي المتعارف عليه وضبط إرهاصاته.. تستحق الإشادة والتعميم, في الوقت الذي نتمنى من باقي الأندية الرياضية بالذات الكبيرة توثيق تاريخها وحفظ هويته وتدوينه بمنهجيته العلمية, فمثلاً تاريخ الهلال والشباب بكامل وثائقه الدامغة وحقائقه المثبتة وصوره النادرة جداً ما زالت موجودة في بيت مؤسسهما الراحل رائد الحركة الرياضية الأول الشيخ عبد الرحمن بن سعيد - رحمه الله -, يعني المواد الخام ولغة الأرقام والخطابات والوثائق وكل ما يتعلق بتاريخ شيخ الأندية وزعيمها موجودة في مكتبة (ابن سعيد) وتحتاج متخصصاً يتصدى لمهمة التوثيق العلمي وضبطه في قالب موسوعي رشيد وصياغته.. وفق رؤية مهنية متخصصة, وأيضاً نادي الاتحاد صاحب الريادة والعمادة كأول نادٍ سعودي (تأسيساً) عام 1347ه, لم يرصد ويضبط تاريخه ومنجزاته وألقابه ورموزه.. في موسوعة علمية تبقى نافذة من الماضي تطل منها الأجيال على معطياته التاريخية ومنجزاته الخالدة.. والحال ينسحب كذلك على النصر والاتفاق وغيرهما من الأندية الأخرى.. وربما أن نادي الاتحاد محظوظ بوجود مؤرخيْن «محترفيْن» الدكتور أمين ساعاتي وشقيقه الدكتور عمر اللذين سبق وأن ارتديا شعار فريقهما في فترة ماضية, ويُمكن أن نرى موسوعة العميد العملاقة, وموسوعة باقي الأندية الكبيرة لو وضعت - هذه الأندية - في حسبانها واعتبارها حماية مكتسباتها ومنجزاتها وحقوقها من العبث والتطاول والتجاوزات.. ينطلق من بوابة التوثيق العلمي الرصين وضبط إرهاصاته. Twitter@kaldous1