روسيا: استضافة الرياض للقمة التي ستجمع بوتين وترمب مناسبة للطرفين    بتوجيهات ولي العهد.. استحداث إدارة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    صافرة مكسيكية تضبط "كلاسيكو" الأهلي والنصر .. وفنزويلية للشباب والقادسية    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى الإثنين القادم    معرض جازان للكتاب "جازان تقرأ" يعزز للاطفال ثقافتهم الادبية والمهارية    المشهورة إيلاف الزهراني: دجال أوهمني بأن داخلي جنياً    بريطانيا تعلن تخفيف القيود الاقتصادية على سورية    مدير الأمن العام يدشن مركز المراقبة الميداني بالإدارة العامة لدوريات الأمن    المملكة تدين تفجيري قندوز وكابل الإرهابيين    أكثر من 949 مليار ريال الودائع الادخارية والزمنية بنهاية عام 2024م لتبلغ قمّتها    سعود بن نهار يطلع على أعمال فريق تهيئة وسط البلد    شراكة استراتيجية بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية وهيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار لدعم الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية    تعليم جدة يدشن معرض «التوعية بالأمن السيبراني»    الإبراهيم: تريليون دولار احتياج البنية التحتية في 10 سنوات    "رمز أحمر" ب"مركزي القطيف" يخلي 10 أقسام والدفاع المدني يسيطر على الحريق    المالية وصندوق النقد الدولي يستعدان لإطلاق مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة    الجدعان: التفتت الاقتصادي يتطلب حلولاً جماعية    "هيئة النقل" تحصل على شهادة اعتماد البنية المؤسسية الوطنية    رئيس الوزراء المصري: نبذل جهوداً لتنفيذ بنود وقف إطلاق النار في غزة    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تطلق مشروع «الحي الإبداعي»    مدير عام تعليم مكة يدشّن المعرض الفني واحتفالية يوم التأسيس    على حلبة كورنيش جدة.. غدًا انطلاق جولتي بطولة "إيه بي بي فورمولا إي" للمرة السابعة في المملكة    إحتفال قسم ذوي الإعاقة بتعليم عسير بيوم التأسيس السعودي    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    تدشين الأعمال التطوعية في المسجد الحرام    انطلاق مؤتمر القصيم السابع للسكري والغدد الصماء بمشاركة نخبة من الخبراء    أمير نجران يُكرِّم مدير فرع المجاهدين بالمنطقة سابقًا    وزير الثقافة يلتقي وزيرة الفنون والثقافة والاقتصاد الإبداعي النيجيرية    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية "إطعام"    جامعة الإمام عبد الرحمن تطلق المرحلة الثانية من استراتيجية البحث العلمي والابتكار    تعليم مكة يدشن الأعمال التطوعية في المسجد الحرام    برنامج "أمل" السعودي في سوريا.. ملحمة إنسانية ونبض حياة    نائب أمير مكة يشهد تخريج 19,712 طالباً وطالبة في جامعة المؤسس    4 حالات لاسترداد قيمة حجز حجاج الداخل    التعاون يتعادل مع الوكرة القطري في ذهاب ثمن نهائي أبطال آسيا    منطلق حوار للحد من تفشي الطلاق    سعود بن خالد رجل من كِرَام الأسلاف    الحلم النبيل.. استمرار للمشروع السعودي    السعودية" أرجوان عمار" تتوج برالي أبوظبي باها 2025    5 خرافات عن العلاج بالإشعاع    دوري روشن بين السيتي والريال!!    إعلام الماضي ورياضة المستقبل    صالح الجاسر: 240 مليار ريال بقطاع النقل و «اللوجستية»    نادية العتيبي سعيدة بالتكريم    "تعليم شرق الدمام" يحتفي بالفائزين في تحدي القراءة    الاحتلال في الجنوب والسلاح المنفلت يهددان استقرار البلاد.. سيادة الدولة.. أولوية الإدارة اللبنانية الجديدة    رئيس وزراء باكستان: المملكة صديق موثوق.. ندعم سيادتها وسلامة أراضيها    تحقيق أممي في وفاة موظف محتجز لدى الحوثيين    صلاح يتألق وإيفرتون يفسد فرحة ليفربول بهدف درامي في الوقت القاتل    أمريكية تعتصم أمام منزل خطيبها الباكستاني    إعلاميو "الأوفياء" يطمئنون على الحداد    والدة إلياس في ذمة الله    آل الفريدي وآل أبو الحسن يتلقون التعازي في فقيدهم " إبراهيم "    في ملحق يوروبا ليغ.. بورتو وروما الأبرز.. وألكمار يستضيف غلطة سراي    حصالة ليست بها قيمة    المدينة والجرس: هنا لندن أو هناك أو... في كل مكان!    تعب التعب    مملكة الأمن والأمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمات
نشر في الجزيرة يوم 29 - 04 - 2013

لدي من قرائي فريقان؛ أحدهما يستحثني في النقد، ويشجعني عليه؛ بل يدفعني إليه دفعًا، ويتهمني بأنني مجاملٌ إلى أبعد حدود المجاملة، وعفّ أن يقول: إنني مداهنٌ إلى أبعد حدود المداهنة! بل رفق بي وقال: إنني أراعي مصالح خاصة، أو أنني أخاف أن اقتحم الصعود إلى قمَّة الجبل فأهوي من شاهق، أو أنني يصيبني الرعب أو شيء من الرعب أو ما قريب منه فلا أوجه سياط قلمي حين يحتد هذا القلم إلى من بيده القرار؛ بل إلى من يُنفّذ القرار، ويذهب هذا الفريق في تقريعي ما شاء له هواه فيحملني ما يرغب أن يقوله هو؛ ولكنَّه لا يستطيع البوح به أو ببعضه أو بجزء يسير من بعضه، ويريد مني أن أنهض بمهمة قول ما يضطرب به داخله من عتاب حينًا ومن سخط في أحيان كثيرة على أجهزة الدولة، أو على الدَّوْلة نفسها حين لا تحقَّق له كل ما يتَمنَّاه أو تتوق إليه نفسه من وسائل الرَّفاهية ورغد العيش!
أما الفريق الثاني فلا يراني كما رآني سابقه؛ بل يذهب إلى أنني أبالغ في انتقادي جهاز الحكومة، وأسرف كل الإسراف في تلمس وجوه النَّقص والقصور، وكأنني اشتهي تقصِّي تلك الوجوه من المثالب اشتهاءً لا رغبة في النقد لإصلاح ما يعتورها من خطل وفساد وسوء تنفيذ؛ بل يميل إلى أنني ذو نفس جُبلت على الانشغال بمعاودة القول في الجانب السَّيئ القاتم من الصُّورة في كلِّ أموري، فأنا -في نظر هذا الفريق -أميل إلى التشاؤم أو أن نفسي قد جُبلت عليه، فتنصرف عن المشرق البهي الأخاذ والرائع إلى المعتم القاتم الكئيب والكابي، وهذا لا ينم عن صحة نفسية على كلِّ حالٍ -كما يَرَى هذا الفريق المبالغ -ويَرَى أن رؤيتي ينقصها التوازن والثِّقة والأمل الحسن والفأل الطيب والاستبشار بالمستقبل الجميل واستحضار كل ما هو إيجابي، والانصراف عن التوَّقف عند العثرة أو الكبوة أو الخطل أو النقطة السوداء في الثَّوْب الأبيض الناصع!
والحق أنني لست كما يراني الفريق الأول المتجافي عن نقد الأكابر إلى الأصاغر، والخائف من قول ما يجب قوله مراعاة لمصلحة أو مغنم، والمتناكب عن تعرية الحقيقة المختبئة تحت زخارف القول وتكاذيب المنتفعين.
ولست أيضًا كما يظنه الفريق الثاني المتشائم المتسقط العثرات والزَّلات الذي لا يَرَى من الكأس إلا نصفها الفارغة ويغض الطرف عن نصفها الملآن!
لست هؤلاء ولا أولئك! بل أنا شيء من هؤلاء وأولئك!
فلدي ولاءٌ مطلقٌ خالصٌ لقيادة هذا الوطن واعتقادٌ مطمئنٌ واثقٌ لا أحيد عنه بأن من واجبات الولاء والإخلاص السعي إلى اكتمال اللوحة الجميلة النابضة بالحياة، وتحري الوقت المناسب، وانتهاز الفرصة السانحة، متى ما كان من المصلحة لفت الانتباه إلى وجوه النَّقص لمعالجتها، وغضّ الطرف عن ذلك متى ما كان ظرف الوطن أو أمنه أو مصلحته أو الحفاظ على سمعته من التنقص أو التقليل من قيمته أو السُّخْرية أو التندر بما يمكن أن يلحظ من عيوب أو ثغرات؛ فألتفت كل الالتفات وانصرف كل الانصراف عن المثالب والعيوب؛ بل أسعى ما وسعني الجهد وأسعفتني الطَّاقة إلى إظهار محاسنه وإبراز مكامن القُوَّة فيه ومديح إنجازاته، والافتخار بأمجاده وبطولاته، والتذكير بما كان عليه أسلافنا من الأجداد من فاقة وشظف وشتات وبؤس وفرقة في الرَّأي والاتجاه والموقف إلى أن يسر الله الأمر للإمام المؤسس الأول محمد بن سعود -رحمه الله-، ثمَّ من خلفه وجاء بعده من الأئمة والملوك خلال ما يزيد على مائتين وسبعين عامًا؛ فتم بناء وطن كبير وضخم من لا شيء، وطن بني مما يشبه العدم لأوَّل مرَّة في تاريخ عرب الجزيرة، حتَّى اكتمل وتلاحم وتشكّل وكون فضاءً واسعًا ممتدًا على خريطة الجزيرة العربيَّة مذ هاجرت عاصمة الدَّوْلة الإسلامية من المدينة المنورة في عهد الخليفة علي بن أبي طالب -رَضِي اللهُ عَنْه - أي بعد هجرة عاصمة الدَّوْلة الإسلامية الأولى بألف ومائة وستة عشر عامًا!
هذا مذهبي في النقد!
للدولة تقديرها وإجلالها وحمايتها والذبّ عنها، أما الحكومة التي تنفذ سياسة الدولة؛ فإنّها معرضة للانتقاد وللمحاسبة، فإنّ أحسنت قلنا: أحسنت، وأن قصرت قلنا: وَيْحَك ما هذا؟!
المنصب في الحكومة تكليف لا تشريفًا، فمن تسنمه عليه أن يوطن نفسه بأن النَّاس كل النَّاس -وليس الكاتبين والشوريين والمراقبين فحسب - بل كل المواطنين عيونٌ مفتوحة وقلوبٌ واجفة، ينتظرون الإنجاز، ويتطلعون إلى تحقيق ما تطمح له الدَّوْلة من إسراع في تحقيق ما خطط له من مشروعات وبنى تحتية.
ليس من حب الوطن أبدًا ولا من الإخلاص له مجاملة مسؤول برتبة وزير أو غيرها من الرتب كلف بأداء مهمة وطنيَّة في وزارته أو جهته الحكوميَّة فأخفق أو تراخى أو قصر في أداء مهامه؛ فتأخَّرت مشروعاته، وحابى من حابي، وفتح عينيه وقلبه للإِثْرِاءِ الشخصي متكسبًا من فيء وظيفته بطرق شتَّى بعضها مخفيٌّ وبعضها الآخر ظاهرٌ مكشوفٌ للعيان!
ليس من حبِّ الوطن مجاملة هذا المسؤول وغضّ الطرف عنه؛ لكي لا نتهم بالنَّظر إلى النصف الفارغ من الكأس!
من حبِّ الوطن والإخلاص له والفناء فيه والولاء لقيادته والامتلاء بما يجب نحو أجيالنا القادمة أن يقول الكاتب ومن يملك أمانة الكلمة ما يجب عليه قوله لإصلاح خلل أو إِنْجاز ما يجب إنجازه من مرافق لا تستقيم الحياة إلا بها؛ كالجامعات والمدارس والمشافي والمطارات والقطارات وغيرها، وتحسين مستوى عيش المواطنين، ومكافحة الفقر، وبناء قاعدات اقتصاديَّة صناعيَّة، وتأسيس وسائط إعلام وطنيَّة نافعة جادة مفتوحة تبني الخلق الرَّفيع وتُؤكِّد القيم السامية وتجذّر مفهوم الوطنيَّة الحقّة، وتفتح الآفاق نحو وطن مضيء مشرق مبتعد عن اليأس والسلبية.
مذهبي في النقد أن أمدح وأسرف في المديح حين يكون الإطراء نافعًا ومفيدًا ومقويًّا للّحمة الوطنيَّة ومشجِّعا على مزيد من العمل والإِنْجاز والبناء، وأن أهجو وأسرف في الهجاء للذين توكل إليهم مصالح المواطنين فيقصرون أو يسيئون مسؤولياتهم؛ يكون النقد واجبًا حين يكون القصور فاحشًا لا يمكن أن يكون الصَّمت عليه إلا خيانة للوطن وقيادته.
النقد المخلص الإيجابيّ في مذهبي هو طريق النُّضج والقُوَّة والاكتمال.
[email protected]
mALowein@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.