في ظلّ استناد الكثير من الشركات إلى فعاليّة البيانات في مجال تطوير استخبارات عن الزبون، تقلق هذه الأخيرة من أن تبدو وكأنّها تنتهك خصوصيّة الزبائن بشكل مفرط. لذلك، يكرّس المدراء التنفيذيون وقتاً كبيراً للحرص على أن يفهم الزبائن أنّ الشركات تراعي المعايير الصحيحة لحماية البيانات. وتحاول الشركات المذكورة حتّى أن تبتكر مفردات جديدة وغير مؤذية، لتستخدمها خلال مناقشتها موضوع جمع البيانات مع زبائنها. ولا بدّ من تفهّم تخوّفها. فمن المهمّ أن تحترم خصوصيّة زبائنك وأن تشرح لهم ممارسات جمع البيانات بشكل واضح. غير أنّ هذا القلق ناجم عن قلّة ثقة. إذ تعتقد الشركات أنّ الزبائن لا يدركون الفوائد الجمّة لجمع البيانات، ودور هذه الممارسات في تحسين حياتهم من نواح عدّة. وهذا افتراض خاطئ. وتجدر الإشارة إلى أنّه ينبغي على الشركات أن تتخلّى عن افتراضها القائل إنّ الزبائن يهابون البيانات الكبيرة وتقتنع بأنّهم يدركون الفوائد التي تقدّمها لهم. ولتحقيق ذلك، عليها أولاً التركيز على بناء علاقة قويّة، ومبنية على الثقة مع زبنائها. ولا بدّ من القول إنّ إعلام الزبائن بصراحة عن نوعيّة البيانات التي تتتبّعها والسبب الذي يكمن وراء ذلك، خطوة مهّمة نحو بناء هذه العلاقة. إلاّ أنّ الطريقة المثلى لبناء ثقة متبادلة مع الزبائن تشتمل على تقديم شيء يقدّرون قيمته مقابل البيانات الخاصّة بهم. وهذا يعني استخدام بيانات الزبون لمعرفة احتياجاته مسبقاً. فمثلاً عندما يتصّل المستهلك بخطّ المساعدة لأنّه يواجه مشكلةً تتعلّق بمنتج معيّن، ستجري المحادثة بشكل سلس أكثر في حال كان يحتفظ مندوب الخدمة بسجلّ يظهر تواصل الزبون السابق مع الشركة. والجدير ذكره أنّ المستهلكين يرتبكون من العدد الهائل للرسائل الإلكترونية غير المرغوب فيها الذين يتلقوّنها من الشركات التي تحتفظ بعنوان بريدهم الإلكتروني. كما يدعم المستهلكون تحقيق هدف آخر، ألا وهو الحدّ من هذه الفوضى من خلال تحسين استهداف الاتصالات، حتّى لو كان يتطّلب ذلك تقديم المزيد من المعلومات الخاصّة بهم. وقد أدّى ظهور البيانات الكبيرة إلى تحوّل عميق في الثقافة- وهو تحوّل قد بدأنا مؤخّراً بالتأقلم معه. ولا بدّ من التنويه بأنّ الزبائن يضعون ثقتهم في الشركات عندما يزوّدونها بالبيانات الخاصّة بهم. ويعتقدون أنّ هذه البيانات ستُستخدم لتحسين نوعيّة الخدمة التي يتلقّونها. وبالمقابل، على الشركات أن تثق أكثر بزبائنها، وأن تتأكّد أنّهم يدركون ويقدّرون الطرق التي تستطيع البيانات من خلالها تسهيل حياتهم. - جون أوهارا هو رئيس شركة «بيتني باوز سوفت وير» التي تندرج على قائمة «فورتشن 500». وهو عضو في مجلس إدارة شركة «روسلين أناليتيكس».