قرأت ما كتبه الأستاذ محمد آل الشيخ - وفقني الله وإياه للصواب، في الجزيرة يوم 24-2-1434ه بعنوان (لماذا لا تقولون ما يفهم ؟) فألفيته مقالا جيدا في موضوعه لامس الجرح، وأصاب فيه كبد الحقيقة، حيث شَخّصَ داء يقع فيه بعض كبار خطبائنا،، وهو داء التكلف في خطب الجمعة، وإظهار التقعر والتفاصح والتشدق والتفيهق ووو.. وإظهار الثروة العلمية من المفردات العربية، والقدرات البلاغية الخطابية... (وهؤلاء وإن كانوا قلة) فهذا مما يفقد الخطبة وقارها وجمالها وجلالها، ومن ثم يصيّر المقصد من أساس الخطبة ومعالجتها لمشاكل مجتمعنا إلى تكلف تناسق العبارات على قافية واحدة، ووزن مقفى مسجوع!! مما يضعف جوهر الخطبة وصلب موضوعها حتما.. والتكلف والتفيهق في شرعنا مذموم قال صلى الله عليه وسلم: (وما أنا من المتكلفين) وقال: (هلك المتلطعون) وقال:(إن الله يبغض البليغ من الرجال) وقال عليه الصلاة والسلام: (أبغضكم وأبعدكم مني منزلا يوم القيامة المتشدقون والمتفيهقون) وكان هديه صلى الله عليه وسلم في خطبه كلاما فصلا يفهمه كل من سمعه.. قال العلماء:إن مما تمجه القلوب وتنفر منه الأسماع في الخطب هو التكلف في الكلام.. قلت وليترك الخطيب الكلام يخرج على سجيته وطبيعته دون تفاصح وتكلف.. والناس يعرفون ويدركون في الخطيب من لحظه ولفظه وصدق لهجته، ما كان منه تكلفا وتصنعا، وما كان غير ذلك!! فيا مشائخنا الكرام لا تكن بضاعتكم مزجاه، وفارغة المحتوى، دعوا هذا السجع المتكلف، والتقعر في الخطب وقولوا قولا ليناً لعلنا نتذكر أو نخشى.. فيا أحبابنا الكرام هذه خطب طغى فيها الاستعراض اللغوي.. وليس هذا من سمت العلماء ولامن دأبهم ولا مبدئهم.. وأن اصطياد الألفاظ الوحشية، والمفردات المهجورة الغريبة ينفر منه الذوق الأدبي، والفطرة السليمة السوية..!! وفقم الله وسدد خطاكم والسلام عليكم... - د. علي الحماد