سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة سلَّمه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبركاته.. وبعد: فقد قرأت التقرير المنشور في الصحيفة يوم الخميس 22 من ربيع الثاني 1433ه العدد 14413 ص7 عن زيارة معالي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمعرض الكتاب الدولي بالرياض، وقد سرَّني ما اشتمل عليه التقرير، حيث كان معاليه منصفاً وواقعياً في حديثه وكل حديثه يحمل الدلالة القوية على الشعور بالمسؤولية وبعد النظر وعمق الفهم، ولكنني أخص من حديثه قوله: (ليس لدينا مُتشددون دينيون، عندنا مجتهدون، وهم أهل خير وأهل صلاح وأهل دين، يدفعهم الحماس وخوفهم على أمتهم وأهلهم إلى أن يتخذوا مواقف لا تتفق مع الوقت الراهن، وهؤلاء المحتسبون أشهد الله على محبتهم كثيراً، وكل من في هذا الوطن يحبهم كثيراً). لقد كان معالي الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ منصفاً في حديثه، لقد كان حديثه حديث الأب والفقيه والمربي والمسؤول، وفي حديثه نقاط يجب أن تذكر فتشكر وأهمها: أولاً: أن كلمة (متشددون) مستوردة على بلادنا توظّف في غير مكانها، فالمحتسبون ليسوا متشددين كما قال الشيخ، ففعلهم ليس تشدداً ولا تضييقاً ولا عنفاً وإنما هو لينٌ ويُسْرٌ وحبٌ وإخلاص وأدب جم.. أما الشدة فهي عنفٌ وبغض وحقد وصلف. ثانياً: المحتسبون كما يعرفهم الشيخ ويعرفهم أفراد مجتمعنا كلهم أهل خير وأهل صلاح وأهل دين، وأهل إخلاص، وأهل ولاء صادق لله تعالى ثم لبلادهم وولاة أمورهم، وكان يدفعهم - كما قال الشيخ - الاجتهاد الصادق والمجتهد قد يوفّق في أسلوبه ونتيجة عمله أو لا يوفّق وهو مأجور على اجتهاده بقدر صدقه مع الله وإخلاصه له تعالى. ثالثاً: يحمل أولئك المحتسبون همَّ بلادهم وأهلهم وأمتهم وغيرتهم هي الدافع الوحيد والكبير فهم لا يطيقون أن يروا فساداً في بلادهم ولا يطيقون أن يروا مفسداً يسرح ويمرح دون أن يُنصح ويُعلّم ويُوجّه بالتي هي أحسن أو يرفع أمره إلى الجهة الرسمية التي تحاسبه على فعله. رابعاً: قد لا يكون المكان أو الزمان مناسباً لبعض الاجتهادات وذلك راجع لأمور ليس لها دخل بكون الحرام حراماً أو الباطل باطلاً.. وإنما الطريقة والأسلوب والظروف المحيطة تحكم العمل ويجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار. خامساً: ولقد عبَّر معالي الشيخ عن مكنون نفوس السعوديين جميعاً فقال أشهد الله على محبتهم كثيراً، وكل من في هذا الوطن يحبهم كثيراً، ولماذا لا يحب الناس من يأمر بالخير وينهى عن الشر، وكيف لا يحب المواطنون والمقيمون على ثرى بلادنا من يحمي أعراضهم وشرفهم وأموالهم وأعراضهم، بلى والله. إن ولاة أمرنا ونحن معهم نحب الناصحين ونحب المخلصين ونحن نحب من يعين على حفظ بلادنا من كل فساد وصيانة أعراض نسائنا ورجالنا وهو ما دعا إليه أسد الجزيرة وباني مجدها الملك عبد العزيز - رحمه الله وغفر له-، وكان يكرره في كل مكان وكل زمان. نعم يا معالي الشيخ فإن المحتسبين هم مشايخنا وأبناؤنا وخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية- قد دعا للحوار مع أصحاب الأديان والمذاهب، دعا إلى الحوار بالتي هي أحسن مع المخالفين فكيف بالإخوة والأهل.. إنهم أولى بالحوار، ثم إن المحتسبين طاقات وطنية هامة وسواعد فتية، يحملون العلم والفقه والغيرة والصدق أوَ ليس من المفيد للبلاد وأهلها أن نضع أيدينا في أيدهم وأن نفتح لهم قلوبنا قبل أبوابنا ونسمع منهم، ومعالي الشيخ عبد اللطيف من أولى من يرحب بهم ويتعاون معهم ويحاورهم وسيجد عندهم صدوراً واسعة وأخلاقاً عالية وحباً في التعاون والتنازل وسعة الأفق وبعد النظر.. وما أظن معاليه إلا فاعلاً. إن الكمال المطلق لله تعالى والعصمة لرسوله صلى الله عليه وسلم، والبشر معرضون للخطأ وكلنا كذلك، ورضي الله عن عمر بن الخطاب الذي يقول (رحم الله من أهدى إلي عيوبي) وما أحوجنا إلى التعاون وشكر الناصحين وتقريب المخلصين. ولقد كان من أرفع أوسمة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - حفظه الله ومتعه متاع الصالحين- ستبقى الهيئة ما بقيت هذه البلاد وسنقف معها لأنها ترفع شعيرة من شعائر الإسلام. عبد العزيز بن صالح العسكر - عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية