عمري 18 سنة، أشكو من السمنة المفرطة، وأحس أحياناً بكرهي لأمي، وما أتقبل منها شيئاً، والسبب أني دائماً أشعر بأنها السبب في سمنتي من بين أخواتي؛ لأني أنا الكبيرة. علماً بأنها لم تقصر معي بشيء ولا مع أخواتي، فماذا أفعل؟ ولكِ سائلتي الفاضلة الرد: هناك أمرٌ خطيرٌ نحتاج جميعاً إلى مزيد من التأمل فيه، ألا وهو أمر (تحميل الآخرين) الأخطاء وممارسة هواية (الإسقاط) لتبرئة أنفسنا من كل زلل؛ حيث نتقمص دور الضحية، ونجزم بأن الجميع يعمل ضدنا! وهذا مأزق فكري خطير، يجعل صاحبه يعيش في دوامة (الفشل)، وأسيراً في قفص الكسل والانهزامية. أختي، تأكدي أنك أنت مَنْ يملك القرار وكامل الحرية والاختيار في معظم شؤون الحياة، وعلى هذا فالمسؤولية يوم القيامة فردية {وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً}. أختي الكريمة، لستُ أقلل من أهمية موضوع السمنة، ولكن ألا توافقينني بأن حسن علاقتك مع والدتك أهم بكثير من مشكلة السمنة! فوالله لو أنها أخطأت عليك خطأ جلياً واضحاً لا لَبْس فيه لكان لازماً عليك التسامح والتغاضي، فما بالك بأمر لا ناقة لها فيه ولا جَمَل؟! فأمك أحن من في الأرض عليك، وأكثرهم عطفاً وحباً ورحمة وشفقة بك. وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء ولو فرضنا جدلاً أن أمك كانت تبالغ في تغذيتك وأنت صغيرة فهذا لا شك أمر مرده حبها وعطفها وحرصها عليك، ولا يُبرر لك أبداً السماح لمشاعر الكره أن تتنامى في قلبك لهذه الأم الحنون.. كيف وأنها بحسب وصفك لا تقصر معك بشيء! والناجح أمثالك يتحرر من كل ذكريات الماضي المؤلمة وينظر لغده.. اسألي نفسك ماذا يمكنني أن أفعل حتى أكون أفضل؟ وهذا يشمل ذاتك بمفهومها الشمولي (الروحي - الصحي- العقلي - الجسدي). وبالنسبة لوزنك الزائد فإن من أهم الأمور التي تُجمِّل الشخصية وتُكسبها جاذبية وتُعظّم من فرص نجاحها هي جمال النظرة الذاتية للنفس من حيث الثقة بالنفس وتقدير الذات والإحساس بالتميز، وصدقيني أن جمال روحك وثقتك بنفسك هما الجمال الحقيقي، فسبيلك للجمال الحقيقي هو إيمانك بجمالك الداخلي, فصورتك عند الآخرين هي انعكاس لنظرتك لنفسك، فلا تعمقي داخلك الشعور بأنك لست جميلة بل على العكس انظري لنفسك على أنك مميزة. وهذا لا يعني عدم التحرك وعمل شيء تجاه زيادة الوزن، وأحسب أنك تملكين الإرادة القوية والعزيمة الماضية، وأنا أعرف الكثير ممن زاد وزنه كثيراً ولكنه قرر أن ينحف ثم اتخذ خطوات عملية جادة لتنفيذ القرار، وبقليل من الصبر والمثابرة عاد رشيقاً ممشوق القوام.. هوِّني على نفسك ابنتي؛ فغدك بإذن الله مشرق.. وفَّقك الله ورعاك. شعاع: سوف ترتقي بحجم المسؤولية التي تكون مستعداً لتحملها.