أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عاما في المرحلة الثانوية، توفي والداي قبل ست سنوات و أسكن الآن مع إخوتي، ولدي من الأخوات ست وترتيبي بينهن الخامسة، لما توفيت أمي كنت في الصف الأول متوسط ذهبنا إلى الكويت وسكنا هناك أنا وأخواتي، وبعد فترة أخواتي الكبيرات تزوجن، فبقيت أنا واختي الصغرى مع إخوتي الشباب، وبما أني كنت وحيدة فقد أعطاني أخي الكبير جوال حتى يسهل على الاتصال بأخواتي. في بداية الأمر لم أكن أكلم إلا أخواتي وصديقاتي ولم أفكر بالاتصال بأحد غيرهم فأخواتي الكبار كانوا دوما عندنا وكنت مشغولة معهم، لكن أخي الكبير قرر الانتقال إلى المدينة التي كنا بها سابقا، وعندها لم يعد في البيت غيري وغير إخوتي الشباب وأختي الصغيرة فأحسست بفراغ شديد، وافتقدت كل شيء أحبه فلم أتأقلم مع وضعي الجديد. وفي أحد الأيام اتصل أحد الشباب على جوالي. (طبعا بالغلط ورديت عليه) دار بيننا حديث ومن بعدها صرت أدخل على الشات بالجوال وأوزع رقمي على الشباب وأكلمهم، واستمريت على هذه الحال مدة ثلاثة أشهر نزل مستواي الدراسي جدا بعد ماكنت متفوقه وأصبحت أكره المدرسة، وكان هذا كله وأنا في الصف الثاني ثانوي بعد ذلك اكتشفت أختي الكبيرة أني أكلم شباب فأخذت الجوال وأصبحت في حال يرثى لها من الخوف خشية أن يعرف أحد أخوتي الشباب بذلك، لكنها لم تخبرهم وبقي الأمر بيننا، وبعد عدة أشهر طلبت من أخي الكبير جوال فأعطاني، وكنت أريد أن أعود إلى ماكنت عليه، لكن لي صديقة جزاها الله عني خير الجزاء كانت دائما تنصحني وتوجهني وتذكرني، أن ما أفعله حرام، إلا أنني كلما تركت الجوال رجعت للحال التي كنت عليها سابقا فأحبيت زميلة لي في المدرسة وأحسست أني لا أستطيع الاستغناء عنها، ومع أنني لست راضية عن حالي أبدا لأنني متأكدة بأنني إن تركت هذه الفتاة فسأرجع للجوال، وأنا لا أريد العودة له، وصرت أشعر بفراغ كبير، وحياتي روتينها قاتل، وصرت أبكي بسرعة ولي على هذا الحال سنة كاملة أشغل فيها نفسي بأمور محرمة وليس لها معنى، وكلما خرجت من شيء سيء وقعت بأسوأ منه، رغبتي في تغيير حياتي للأفضل قوية ولكنني تائهة، ولا أعرف الطريق الصحيح، أرجوك ساعدني. (س.ن) الدمام حين تمر بالناس ظروف غير مواتية، نجدهم يتعاملون معها بإحدى الطرق التالية: إما اللجوء لدور الضحية، وبالتالي يقفون أمام هذه الظروف يبكون ويندبون حظهم ويستمتعون وهم يرون الناس تتعاطف معهم وتواسيهم، علما بأن هؤلاء الذين يواسونهم لا يلبثوا أن يشعروا بالملل إن تتالت المواقف التي يمارس بها هؤلاء الناس دور الضحية، وصنف آخر من الناس يقف من الظروف موقف المتحدي ويؤمن بأن المشاكل لا تأتي من الظروف وإنما من رؤيتنا لهذه الظروف، وعليه فنصيحتي لك أن تتحلي بالقدر المعقول من الشجاعة وتقولين لنفسك بأن ما حدث من بعد عن جادة الصواب وتحدث للشباب بالجوال أو ممارسة لأخطاء لم تكن بسبب الظروف وإنما بسبب ضعفك كبشر، عندها تكونين قد بدأت أول خطوة في طريق الحل، إذ ليس من الحكمة أن تستمري في إيهام نفسك بأن ظروفك هي التي دفعتك للولوج في هذا الخطأ أو ذاك، وإنما ضعفنا البشري ورغبتنا في الحصول على المتعة السريعة حتى لو كانت حراما هو الذي يدفعنا لارتكاب الأخطاء، ونظرا لأننا نبحث في بعض الأحيان عن مبررات تساعدنا على التصالح مع أنفسنا فإننا نضخم الظروف ونجعلها عكازا لنا نتكئ عليها حتى لا نتصادم مع أنفسنا وحتى لا يؤنبنا ضميرنا بالقدر الذي يتعبنا فيه، وإذا تذكرنا أن البشر كل البشر خطاؤون فعندها تصبح المسألة بسيطة لا تحتاج لأكثر من الاعتراف بهذا الضعف، والبعد عن المبررات، وعقد النية بعدم العودة للطريق السابق، يبقى أمر واحد تحتاجين إليه وهو البحث عن مجالات لشغل الوقت والبحث عن صحبة طيبة وتمتين العلاقة مع الأخوات والدخول في عالمهن وعالم صديقاتهم حتى تملئين وقت فراغك، إضافة للبحث عن مجالات لتطوير ذاتك سواء بالقراءة أو متابعة الدراسة أو حضور الدورات التدريبية أو الانخراط في بعض الأعمال الخيرية، وعليك أن تتيقني من أنك تملكين خيرا عميما في أعماقك بدليل أنك تشعرين بالذنب وتبحثين عن مخرج لما وقعت به، وعليه فأنا على يقين من أن الله سييسر لك هذا المخرج طالما بقيت مصرة على ذلك.