أياً كان، تأثير وزير الإعلام في أي دولة فهو لا يتجاوز في أحسن الأحوال تأثير موقع إلكتروني بسيط لا من ناحية الجماهيرية ولاعدد الزوار، ولا من ناحية الانتشار. رغم أن هذه المواقع الإلكترونية يديرها شباب في الغالب عبر شركات بدأت وليدة ولا تقارن بأي حال من الأحوال بجهود وإمكانات الدول، مما أوجد وزراء إعلام جدد عرفهم العالم وأحبهم فمن هم، وما هو سر هذا الحب يا ترى؟ الوزير الأول السيد تويتر والذي تسنم منصبه في العام 2006 وانطلق يغزو العالم بعدة لغات بدأت بالإنجليزية ثم توالت اللغات العالمية بما فيها العربية، وتفوقت بعض النسخ الأجنبية على النسخة الأصلية فالتجربة اليابانية استقطبت ميزة الإعلانات التي افتقدتها النسخة الإنجليزية، وفكرة تويتر بسيطة حيث تبدأ التحديثات بالسؤال البسيط ماذا تفعل الآن؟ ثم يكتب المستخدم ما يريد بحدود 140 حرفاً، إما بكتابة خواطره أو مقالاته أو غير ذلك، ويمكن لجميع المستخدمين متابعة من يريدون والعكس على شكل مدونات مصغرة، بات تويتر الآن من أهم مواقع شبكات التواصل الاجتماعي في العالم ناهيك عن شبكة الإعلانات الهائلة التي تستخدمها الشركات الكبرى. الوزير الثاني هو السيد يو تيوب وقد اختارته مجلة «تايم» الأمريكية رجل عام 2006 لدوره في إعطاء الفرصة لزواره في إنتاج المواد التي يعرضونها في الموقع، وهو من المواقع التي تعتمد على نشر مقاطع الفيديو والصور والرسوم للهواة والمحترفين، وقد بدأ بثلاثة موظفين ووصل موظفوه الآن إلى عشرة أضعاف وتصل قيمته الحالية 1,65 مليار دولار حيث عرضت هذا المبلغ شركة قوقل الشهيرة. ولكن من يكون دخله الشهري 15 مليون دولار لن يفرط في هذا الكنز بسهولة. وبحسب موقع Alexa، يوتوب هو حالياً ثالث أكثر المواقع شعبية في العالم بعد ياهو وقوقل، ويتوفر بحوالي 12 لغة عالمية منها العربية إضافة إلى لغته الأم الإنجليزية، ووفقاً للمسؤولين عن الموقع فإن عدد مشاهدة الأفلام من قبل الزوار ككل يصل إلى 100 مليون يومياً. في شهر يناير 2008 فقط، 79 مليون مستخدم شاهد أكثر من 3 مليارات فيلم. وفي 2006، ذكرت صحيفة الوول ستريت بأن الموقع يستضيف 6.1 مليون فيلم، بسعة 600 تيرابايت. في 2007، استهلك الموقع قدراً من حجم تدفق البيانات مماثل لاستهلاك العالم لجميع مواقع الإنترنت في عام 2000، ويتم رفع 13 ساعة تقريباً من الأفلام في كل دقيقة. ورغم الأخلاقيات التي يلتزم بها السيد يوتيوب إلا أنه تعرض للحجب في العديد من الدول حول العالم لأسباب متنوعة ولكنه يعود في كل مرة، فمثله لا يمكن أن يستغني عنه الناس حتى لو تم حجبه. أما الوزير الثالث فهو السيد المحترم الفيس بوك والذي بدأ عن طريق ثلاثة طلاب في جامعة هارفارد الأميريكية وانتهى حالياً ب500مليون مستخدم حول العالم يتواصلون اجتماعياً بشكل مجاني ويتبادلون الرسائل والصور ومقاطع الفيديو وغيرها. وتعتبر مصر هي الأولى في الشرق الأوسط استخداماً للفيس بوك، حيث يضم موقعها 2.4 مليون زائر يومياً، وهو الموقع الإلكتروني الأول للمصريين وقد أثر الفيس بوك في الحياة السياسية في مصر، أما في المملكة فيعد فيس بوك هو رابع أكثر المواقع الإلكترونية للتواصل الاجتماعي زيارة، وقد كانت تأثيرات الفيس بوك محل دراسة كثير من رسائل الماجستير والمتخصصين حول التواصل الاجتماعي على الشبكة كما سلّطت الضوء على ما يسمى بالإعلام البديل وتأثيره على المجتمعات. كذلك فإن موقع فيس بوك في السعودية قد كسر الكثير من الحواجز بين المسؤولين والمواطنين حيث بادر وزير الثقافة والإعلام االدكتور عبد العزيز خوجه بإنشاء حساب خاص به، تلاه وزير العدل الدكتور محمد العيسى كما أن مجموعة كبيرة من أصحاب الرأي والفن والثقافة والرياضة ومشاهير آخرين في مجالات مختلفة يمتلكون حسابات خاصة بهم على الموقع ويتواصلون مع محبيهم مباشرة من خلاله بعد أن ساهمت هذه المواقع الإلكترونية بإزالة الحواجز بين المواطن والمسؤول، وبعد أن ساهمت هذه المواقع بإيصال أصواتهم إلى الملايين بكل مصداقية وشفافية، في الوقت الذي تحفل فيه أجندة بعض الوزراء (عرباً وعجماً) بالكذب والتزييف وتظليل شعوبهم ولعلكم تذكرون محمد الصحاف صاحب الوصف الشهير (العلوج) ففي الوقت الذي برز الصحاف في مؤتمراته الصحفية التي كان يعلن فيها عن انتصارات القوات العراقية المتتالية في حرب الخليج الثانية بينما كانت القوات البرية تتقدم بشكل متتالٍ إلى بغداد. وفي آخر مؤتمر صحفي له في يوم سقوط بغداد أعلن الصحاف أن الأمريكان «ينتحرون الآن بالآلاف على أسوار بغداد».، أيضاً تذكروا المذيع أحمد سعيد وصوت العرب. إذن تساءل الآن عن الفرق بين وزراء العالم الجدد - طبعاً لا ننسى رئيس الوزراء الشيخ قوقل - وبين الوزراء التقليديين في شرق العالم وغربه؟ تلميع صورة الرئيس أو النظام ليست ضمن أجندة الوزراء الجدد لأن الرؤساء - في نظرهم - زائلون وبلادهم باقية، وكذلك الشفافية حلت محل التعتيم والتظليل، أيضاً إتاحة المعلومات مجاناً بعكس فكرة حجب المعلومات والانتقائية في نشرها، فإذا أراد وزير ما أن تكون له شعبية ومحبة في عيون مواطنيه فيجب أن يكون مثل فكر وزراء الإعلام الجدد، فالتاريخ لا يرحم والناس كذلك. [email protected]