تحدثت كثيرا عن المرأة والفن، بل ربما أصاب الملل البعض من تكرار حديثي هذا، ولكن مع تصعيد موضوع حقوق المرأة ومنها قيادتها للسيارة وكل ما يتعلق بنظرة المجتمع تجاه المرأة، لا أجد نفسي إلا وأنا أكتب في هذا الموضوع. لو اطلعنا على إحصائيات المنتسبين لأقسام الفن أو التربية الفنية في الجامعات السعودية خلال السنوات العشر الماضية، سنجد أن أعداد النساء أو الفتيات المتقدمات والمسجلات في تلك الأقسام إكثر بكثير من أعداد الشباب، ولو قمنا أيضاً بإحصائية لعدد المشاركات من الفنانات نسبة لعدد المشاركين في المعارض التشكيلية والمسابقات الفنية المحلية (بغض النظر عن نوع ومستوى المشاركة) لوجدنا أن النساء أعدادهن تفوق الرجال، وقد نتطرف حين نقول إنه يمكن ملاحظة تزايد الاهتمام بزيارة المعارض وحفلات الافتتاح لدى النساء والفتيات مع انخفاض في أعداد الشباب ما عدا مجال التصوير الضوئي الذي لا يزال الشباب أكثر مزاولة له لا كمهنة ولكن كهواية ربما مثل الصيد وقيادة السيارة (ربما لأن الآلة جزء هام من هذه الممارسة). أيضا يلاحظ المتتبع للحراك التشكيلي على العديد من الجهات التي تهتم بالفنون في القطاع الخاص، أن نسبة كبيرة منها تديرها أو تملكها النساء (ولن أتحدث عن القطاع العام لأن السبب معروف كما أتوقع لدى الجميع)، ردة الفعل الأولية تجاه هذه الحقائق قد تكون إيجابية، من حيث تواجد المرأة في هذا المجال الذي يتناسب مع طبيعتها..إلخ من الكلام الذي طالما سمعناه، ولكن من زاوية أخرى، أرى للموضوع قراءة مختلفة، فالمجتمع السعودي لا يختلف كثيرا عن المجتمعات الأخرى التي تسودها الهيمنة الذكورية، باختلاف الفترات الزمنية بطبيعة الحال، وما قبول المجتمع ومن قبله الأسرة بانخراط الفتاة في هذا المجال إلا لأسباب مردها ثقافة قديمة تعتقد أن الفن كمجال نسائي بطبيعته، وأنه حرفة (Craft) كانت العرب قديما - وربما لا يزال البعض منهم - يراها خاصة بالرقيق والأجانب والنساء. ومن ناحية أخرى، يعتقد البعض أن دخول ابنته لهذا المجال مناسب لها، فهي إن لم تجد وظيفة بعد التخرج، فقد تعلمت حرفة تساعدها كربة منزل، بينما يرفض أن يمتهن الابن هذا التخصص لعدم جدواه اقتصاديا أو مناسبته للذكور، وأرى في ذلك نوع من التمييز الاجتماعي لا للنساء فحسب بل وحتى للرجال.