التعبير بالفن شاهد لواقع الإنسان بمختلف أبعاده وراصدا لتفاصيل والانطباعات من خلال ما يتمتع به الفنان من ذائقة إبداعية وحس معبر ورؤية خاصة لترجمة ما يحيط به... هكذا حملت رسالة الأميرة عادلة التقدير للفن والمبدعين فيه التي تضمنها إصدار معرض (انعكاسات) المشترك بين تشكيليات سعوديات وهنديات، المعرض الذي يأتي ضمن الكثير من المعارض والفعاليات التي لم يكن ليتحقق لها النجاح إلا نتيجة ما وصلت إليه المملكة من مكانة منافسة على المستوى العالمي في مختلف المجالات ومنها مجال الثقافة ومن بينها الفنون التشكيلية التي تعيش مرحلة لها طعم ونكهة خاصة، وعصرا ذهبيا يعتز به كل منتسب لهذا النشاط الإنساني الهام المشارك والمساهم في بناء حضارة الوطن الموثق لها والمعبر عن كل ما تحقق للإنسان السعودي من فرص الإبداع، حيث كان ولازال لهذا الفن تحركا وتواجدا وحضورا في مختلف المحافل الدولية إن كان نشاطا فرديا أو جماعيا فالكل في هذا المضمار يفخر بانتسابه لهذا الوطن الغالي أرضا وحكومة وشعبا، ويفخر بأن يقوم بتمثيله في المناسبات ومنها المحافل الثقافية التي أصبحت جسورا تنقل هويتنا وخصوصيتنا في إبداعات لا تقل عن أي منتج إبداعي عالمي تتلقاها العيون وتندهش منها العقول وتقف لها القامات احتراما وتقديرا. هذا التفاعل وهذا العطاء التشكيلي الذي وضع له موقع قدم بين أشقاء الرحم الواحد من المعطاءات الإنسانية شعرا ورواية وصورة فوتوغرافية أو عملا مسرحيا لم يتوقف عند حدود المساهمة بقدر ما أعلن منافسته وقدرته على كسب الانتشار إعلاميا وعبر اقتناء الأعمال التي أخذت حيزا لها في وجدان المتلقي قبل أن تكون جزءا من جمال مكتبه أو مسكنه، فأصبح العمل الفني التشكيلي السعودي شاهدا بمصداقية طرحه وعمق علاقة المبدع بمصادر الهامة إن كان مشهدا مباشرة أو ما تشكله الصور الذهنية من الموروث اللفظي شعرا وروايات وثق بها أصحابها تاريخا ومواقف مشرفة شكلت وحدة وطن. تنوع الدعم وسبل التطوير يحظى الفن التشكيلي بتنوع الدعم والاهتمام من مختلف الجهات ذات الاختصاص أو الجهات الرافدة القانعة بأهمية هذا الفن ومنها المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز التاريخي الذي أصبح مصدر اعتزاز لكل من يقام له معرضا فيه من التشكيليين في وطننا الغالي أو بما يضفيه من ثقافة بصرية وجمالية من خلال الفعاليات والمعارض التاريخية والتراثية كان أحد أبرز تلك المعارض معرض الفنون الإسلامية الذي تم بالتعاون مع متحف اللوفر وهيئة السياحة السعودية، إضافة إلى ما يشتمل عليه المتحف من مصادر الهام أصبحت تعد المرتكز الحقيقي الذي يستلهم منه الهوية الإبداع السعودية. ونظرا لتنوع الأنشطة التي يقوم عليها المتحف الوطني بالمملكة العربية السعودية من خلال البرامج الغنية والفعالة في إثراء الثقافة في مختلف الفنون الإنسانية التي تعد أهم اهتمامات المتاحف العالمية والوطنية خصوصا التي تتعلق بالفنون البصرية المعاصرة المكملة لدور المتحف نحو مزج مختلف الفنون لكل العصور ابتداء من الحفريات ومرورا بفنون الحضارات المتتابعة في الجزيرة العربية وصولا إلى ما أصبح عليه الإنسان من تطور في صياغة الفكرة وتحويلها من جانب النفعية إلى التوثيق وإبراز زوايا الجمال بتقنيات تتلاءم مع المرحلة التي يعيشها الفنان، فقد قامت الهيئة الاستشارية بالمتحف الوطني بالتعاون مع سفارة دولة الهند بتنظيم نشاط تشكيلي تحت شعار نساء في الفن توج بمعرض حمل عنوان «انعكاسات» امتد شهرا من انطلاقته التي بدأت في السادس و العشرين من جماد الأولى وحتى 24 من جمادى الثانية وافتتح على شرف صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبد العزيز آل سعود رئيسة الهيئة الاستشارية بالمتحف شارك بالمعرض 36 فنانة سعودية و 18 فنانة هندية ضم 160 لوحة لمختلف الفنون البصرية من تصوير فوتوغرافي ونحت ولوحات رسم، وفن رقمي كما اشتمل المعرض على ورش عمل فنية نفذتها طالبات قسم التربية الفنية في جامعة الملك سعود وطالبات كلية الفنون بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن..اعد المعرض بمستوى متميز يليق بهذا الاحتفاء والمشاركة بين طرفين مختلفين من حيث التجارب متقاربين من حيث الإحساس ووجود القواسم المشتركة في التعامل مع صادر الجمال في الحياة والأساليب الفنية والتقنيات. كتيب وكلمات مضيئة هذا المعرض الذي لا زالت أصداه تتردد في الساحة التشكيلية أصدر المعنيون فيه كتيبا أنيقا تضمن رسالة من صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة جاء فيها (يأتي المعرض الفني نساء في الفن (انعكاسات) ضمن برامج الهيئة الاستشارية بالمتحف الوطني بمشاركة سفارة الهند بهدف تحقيق التعاون بين الفنانات التشكيليات السعوديات والهنديات في تجسيد الواقع في الفن المعاصر، حيث يجسدون بإبداع وابتكار عددا من القضايا المتنوعة في مجتمعاتهن فلطالما كان التعبير بالفن شاهدا لواقع الإنسان بمختلف أبعاده وراصدا للتفاصيل والانطباعات من خلال ما يتمتع به الفنان من ذائقة إبداعية وحس معبر ورؤية خاصة لترجمة ما يحيط به. وتضيف سموها في كلمتها: هذا التجمع الإبداعي يكرس اهتمام المتحف الوطني بالمملكة بشتى حضارات العالم تعزيزا لرسالته الثقافية في التعارف والاطلاع على المنتجات الفنية عبر النشاطات الفنية. كما يتجلى دور المتحف في مد جسور التواصل الثقافي بين المجتمعات بما يسهم بالارتقاء بالقدرات الفنية وفتح آفاق رحبة للاستزادة العلمية والاستكشاف المعرفي للحضارات. كما تضمن الكتيب مقدمة لعقيلة سفير الهند بالمملكة السيدة سونيتا ميني أحمد جاء فيها إن معرض (انعكاسات) نساء في الفن، هو مشروع رائد نظرا لأنه للمرة الأولى تعرض الفنانات السعوديات والهنديات أعمالهن في معرض خاص وأعربت السيدة سونيتا عن شكرها العميق لصاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز ولعضوات الهيئة الاستشارية للمتحف الوطني لدعمهن المتواصل لإنجاح المشروع. ذابت الفواصل وتفوقت الإبداعات أجزم أنه لو لم يكن هناك إشارة أو عنوان يبين تنوع الثقافات للمشاركات في هذا المعرض من ثقافة عربية التعميم سعودية المنشأ والمصادر، وثقافة هندية لها تاريخها وخصوصيتها لقلت إن المعرض لا وطن له ولا حدود جغرافية خصوصا جانب التقنيات اللونية والتعامل مع الفكرة وسبل التعبير مع ما يجب الوقوف أمامه احتراما وتقديرا أن بينت كل مبدعة خصوصية محيطها ومصادر إلهامها في الموضوع، هذا التقارب والتشابه في التكنيك والأداء لنخبة من أسماء التشكيليات السعوديات المعروفات دون إشارة أو تبيان لاسم معين فالجميع قمم يحسب جهود السابقات منهن من أهل الخبرات وينتظر الجديد من القادمات للساحة من الأسماء الشابة فالجميع قدم ما يؤكد عالميتهن وتساوي قدراتهن مع أي مبدعة في العالم وهذا ما يمكن أن يعتبر أبرز فوائد مثل هذا المعرض الذي يطالب به التشكيليات وفي مختلف مناطقنا الغنية بالمبدعات وأن يتكرر مثل هذا التمازج مع فنانات من دول أخرى ليتم من خلاله التعرف على الجديد وعلى موقع أقدام تشكيلياتنا مع ما يعرف عن الكثير منهن من امتلاك لقدرات حققن بها حضورا عالميا.