يرى واضعو السياسات أن تقديم الدعم لوظائف جديدة والتوظيف الذاتي يمثلان حلاً رئيسياً لمواجهة مشكلة البطالة، وذلك على اعتبار أنه يوفر على الأقل عمالة مناسبة لسوق العمل. وعلى ذلك فإن الاتجاه السائد لهؤلاء يوجه فقط نحو التأثير المباشر للمؤسسات الصغيرة في إيجاد وعاء ضخم للتوظيف، ولكن هناك رأي آخر يؤكد على أن الانطلاقات الكبيرة لمؤسسات جديدة لا تؤدي بالضرورة إلى زيادة مماثلة في حجم الوظائف على المدى البعيد. وتشير دراسة في ألمانيا إلى أن ثلاثة أرباع المؤسسات التي أنشئت عام 1997م في ألمانيا تصنف على أنها مشاريع صغيرة، ومعظم هذه المؤسسات لم تؤد إلى إيجاد وظائف جديدة، باستثناء توفير ربحية مناسبة لصاحب المشروع وعدد محدود جداً من الأسر التي لا يعمل عائلها. وهذا يطرح سؤال مهم حول مدى مساهمة التوظيف الذاتي (Self employment) أو المشاريع الصغيرة في دعم عملية التوظيف بالنظر إلى نوعية وحجم الأعمال التي يتم إضافتها من خلال هذه المؤسسات. والإجابة على ذلك تكمن فيما يطلق عليه جودة العمل (Quality of work). وهناك عدة معايير تستخدم لتعريف (جودة العمل)، حيث تعرف في البحوث الاقتصادية بالنظر إلى ظرف العمل داخل المؤسسة. ويتمثل البعد الآخر في المكاسب غير المالية، وعدد ساعات العمل واستقرار الوظيفة والتحولات المصاحبة، وفرص تحسين المهارات والتي لا تتأثر فقط بحجم المؤسسة ولكنها تتأثر أيضاً ببيئة القطاع والخصائص الديموجرافية مثل السن ومستوى التعليم والتدريب المتخصص. ويمثل مستوى المهارات معياراً ثانياً لجودة العمل، حيث إنه من المعروف أن المؤسسات الصغيرة تتطلب مستويات مهارية منخفضة بالمقارنة مع المؤسسات الكبيرة. وهناك من يعتقد أن الجودة لا تعتمد على المستوى المهاري وحده ولكن الطموح الشخصي للعاملين يلعب دوراً مهماً في هذا المضمار. وهكذا فإن الرضا الوظيفي يكون نتاجاً لظروف العمل الاقتصادية ومدى الاحتياج للعمل، إضافة إلى التقييم الشخصي والآمال المستقبلية والاستقلالية والعلاقات الشخصية وغالباً ما يتفهم أصحاب الأعمال الرضا على أنه استقلالهم الحرفي أو تحقيق أحلامهم المهنية. ومع ذلك فإن الرضا يشتمل أيضاً على الرؤية الاقتصادية للمخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي تتصل بالتوظيف الذاتي (Self empoyment) مثل الخسارة المحتملة لرأس المال أو فقد الوظيفة أو الفشل المهني، والتي تعتمد بالضرورة على مدى نجاح المشروع أو بقائه. ومن ناحية أخرى فإن العاملين ربما يرون الرضا والطموح من منظور اجتماعي واقتصادي مثل علاقات الوظيفة ومناخ العمل. ويتميز العمل في المؤسسات الصغيرة باحتوائه على مدى واسع من الأنشطة، كما أنه يتصف بالمرونة الإدارية والتنظيمية وعلى ذلك فإن المؤسسات الصغيرة تحتوي على مناخ أفضل للعاملين فيها، ويصف البعض أن العالم الذي يضم أصحاب العمل والعاملين بهذه المؤسسات على أنه عائلة واحدة كبيرة وسعيدة. فبينما تكون الإدارة مرنة ومباشرة بصورة كبيرة، فإن قواعد العمل يمكن أن تتغير لتتناسب مع الأفراد. ولكن هل هناك اختلاف بين جودة العمل والتوظيف الذاتي؟ في هذا السياق يمكن القول أن التوظيف الذاتي هو (خاص) ولا يمكن مقارنته مع التوظيف المستقل؛ وذلك نظراً لوجود فروق مهمة وبالنظر إلى ظروف العمل ومستويات الرضا الشخصي. ومع ذلك فإن جودة العمل تعتمد أيضاً على نوعية التوظيف الذاتي والتي تؤثر بالطبع على نوعية الأعمال في المؤسسات الصغيرة. وهناك نقطة مهمة يجب الانتباه إليها وهي أن معظم التشريعات القانونية الحالية تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على عناصر مختلفة من جودة العمل، ومثال ذلك التشريعات المتعلقة بالضمان الاجتماعي أو نوعية العمالة التي تكون نتاجاً لهذه المؤسسات وتتضمن أيضاً أصحاب العمل. - (الكلية التقنية بالدمام)