مما لاشك فيه ان ابناءنا وبكافة مراحلهم التعليمية بحاجة منا الى اهتمام ومتابعة لدراستهم ومذاكرتهم، وتهيئة الظروف المناسبة لهم سواء اثناء الاختبارات او الفترة التي تسبقها, فذلك انطلاقا من الواجب الذي يتحتم على الأسرة اداؤه والقيام به نحو أبنائها من أجل تحقيق النجاح والتفوق باذن الله والمساهمة في دفع ودعم المسيرة التربوية والتعليمية. إلا ان ذلك الاهتمام ينبغي الا يطغى او يزداد عن حده، فالشيء (إذا زاد عن حده انقلب الى ضده) أي الى عكس ما نهدف ونرمي إليه، ولا يعني ذلك الإهمال وعدم المتابعة لهم، بل القيام بذلك الدور بكل توازن وحكمة وبعد نظر وتبصر بالأبعاد والنتائج المترتبة على ذلك فلا إفراط ولا تفريط, فالاهتمام الزائد أو عدم وجود ذلك الاهتمام يؤديان الى نتيجة واحدة هي الفشل بالطبع. والذي دفعني للكتابة عن هذا الموضوع الهام هو موقف أو حالة نفسية حدثت لأحد الطلاب وبالتحديد في اختبارات الفصل الدراسي الأول لهذا العام نتيجة الإجراءات والأساليب غير التربوية التي كانت تسلكها الأسرة مع هذا الابن. وملخص الحالة ان الطالب يرفض بشدة الحضور للمدرسة واداء الاختبار مع زملائه في قاعة الاختبارات مع العلم بأنه طالب متفوق جداً فتم الاتصال من قبل المدرسة بالأهل فأفادوا بأن الابن قد أغلق على نفسه باب غرفته ولا يجيب من يسأله أو يناديه ذهب مدير المدرسة الى بيت ذلك الطالب محاولا إقناعه وبأسلوب تربوي ان يأتي معه للمدرسة لأداء الاختبار وحتى لا يؤدي سلوكه وتصرفه ذلك الى رسوبه أو فشله وبالتالي ضياع مستقبله لا سمح الله، ولكن لا حياة لمن تنادي فالابن كما سبق وأن اشرت لا يرد على من يناديه وبعد محاولات جادة من مدير المدرسة بإقناع الابن بأنه ليس بالضرورة أداء الاختبار وانما الخروج للتفاهم فقط, حضر الابن برفقته الى المدرسة, وبعد الحوار الذي تم بينه وبين المرشد الطلابي بالمدرسة تبين أن سبب الحالة النفسية هو الضغط الذي كانت تمارسه الأسرة معه في السابق بمطالبته بأسلوب مباشر او غير مباشر بالاستمرار على تفوقه وعدم التفريط ولو بدرجة واحدة وفي أي مادة دراسية كانت وبأي حال من الاحوال, مما جعل الطالب يجد نفسه امام ضغط نفسي بسبب المسؤولية التي يحس بها فهو في حيرة وتردد في أداء الاختبار من عدمه خوفا من ان تكون النتائج خلاف مايرى أنه مؤمل او مطلوب منه, مما جعله يرفض ليس فقط اداء الاختبار بل وحتى الاجابة والرد على من يناديه نتيجة فقدانه الثقة في نفسه في تحقيق آمال اسرته, مع العلم بأن الأهل لا يمارسون ذلك الضغط حاليا إلا أن الابن تربى وتعود على الكمال وعدم الرضا بالنقص, وبعد نهاية الاختبار حضر ولي أمره وتم تبصيره بأن ما كان يتبعه من اسلوب تجاه ابنه يعتبر اسلوبا خاطئا وغير تربوي وأنه قد يؤدي ليس الى ضعفه أو إخفاقه الدراسي فحسب وانما الى مرض نفسي قد يصعب علاجه منه، وقد يؤدي الى كرهه للدراسة نظرا لفقدانه الثقة في نفسه كما أسلفت وأن الضغط النفسي قد تكون له أثاره السلبية على نفسية وشخصية الطالب أكثر من اي اسلوب آخر حتى العقاب البدني . وأمام هذه الحالة النفسية الصعبة التي مر بها هذا الطالب وما نجم عنها من آثار تربوية ونفسية سيئة كادت ان تدهور حياته المستقبلية النفسية والدراسية، نوجه نداء لك أب وولي امر يهمه مصلحة ابنه ومستقبله الدراسي أن يراعي الحالة النفسية والظروف التي يمر بها أو المحيطة به, وأن يعي أن الاهتمام بالابن وتوجيهه ومتابعته اثاء الدراسة وخصوصا الاختبارات ليس بهذه الصورة التي تجعله يعيش في ضغط نفسي وقلق نتيجة لانه لا يعلم هل سيحقق حلمه وحلم أسرته الذي يراوده في الحصول على التفوق في دراسته ام لا؟ وانما باعطائه الثقة بنفسه وبقدراته وأن بامكانه تحقيق النجاح والتفوق إذا ما عمل على تنظيم وقته ومذكراته، وأنهم يأملون التفوق والحصول على أعلى الدرجات وتشجيعه على ذلك، بل ومكافأته عند حصوله على مثل تلك النتائج، وأنه إن حدث وأخفق او انخفض مستواه في مادة أو أكثر من المواد الدراسية فذلك ليس نهاية الطريق, وانه مقبول منه أن يحقق أي نجاح وبأي تقدير، وانه ليس مطالباً بأكثر مما يستطيع، فبتلك الطريقة تعود له ثقته بنفسه وبامكاناته، كما انه يقبل على الدراسة والمذاكرة ويحرص على التفوق والنجاح برغبة ذاتية وبطموح وتفاؤل وأمل غير منقطع. وفق الله أبناؤنا وبناتنا وجميع المسلمين لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة. عمر بن سليمان الشلاش المرشد الطلابي بمجمع الأمير سلطان التعليمي ببريدة القسم المتوسط