أنقرة، واشنطن – «الحياة»، أ ف ب، رويترز - في قرار قد يزيد التباعد السياسي الملحوظ بين عدد من حكومات دول الاتحاد الأوروبي وحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دعا البرلمان الأوروبي تركيا إلى استغلال الذكرى المئة «لإبادة الأرمن» خلال تفكك الإمبراطورية العثمانية، من أجل «تصفية الذاكرة الذي يشمل فتح الأرشيف لتصفية إرث الماضي والاعتراف بإبادة الأرمن، ما يمهّد للمصالحة بين الشعبين التركي والأرمني». كما طالب القرار أنقرة بجرد ممتلكات الأرمن التي نهبت خلال أحداث 1915- 1917، وبينها تراثهم الثقافي والعقاري، وبتطبيع العلاقات مع أرمينيا. ويدعم القرار «الموقف الأخلاقي» الذي أبداه البابا فرنسيس الأحد الماضي بالتعاطف مع ضحايا أعمال «الإبادة الجماعية» الذين يقدر الأرمن عددهم ب 1.5 مليون، ولكنه «غير ملزم لحكومات دول الاتحاد»، لذا لن يؤدي الى قطيعة مع تركيا التي يحتاج الاتحاد الأوروبي الى تعاونها في عدد من الملفات الأمنية المخيفة في المنطقة، في مقدمها مشكلة المقاتلين الأوروبيين الذين يعبرون حدودها للانضمام الى تنظمات متشددة تقاتل في سورية والعراق. وفي اختلاف عن أكثر من 20 دولة في أوروبا وأميركا الجنوبية دعت الولاياتالمتحدة أول من أمس الى اعتراف «كامل وصريح» بوقائع المجزرة الأرمنية خلال الحرب العالمية الأولى، ولكن من دون استخدام كلمة «إبادة» التي استعملها البابا فرنسيس، وسبق أن استخدمها الرئيس الأميركي أوباما نفسه حين كان عضواً في مجلس الشيوخ، وتحديداً خلال حملته الانتخابية العام 2008. وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف: «أقرّ الرئيس الأميركي ومسؤولون آخرون بارزون في الإدارة، بأن ذبح مليون ونصف مليون أرمني أو اقتيادهم إلى الموت مع نهاية السلطنة العثمانية واقعة تاريخية، وأبدوا أسفهم لذلك». وأضافت أن «اعترافاً كاملاً وصريحاً وعادلاً بهذه الوقائع يصب في مصلحتنا ومصلحة تركياوأرمينيا وأميركا». واعتبرت هارف أن «البلدان تصبح أكثر قوة وتحقق تقدماً حين تعترف وتأخذ العناصر المؤلمة لماضيها في الاعتبار»، مؤكدة أن تغييرات كهذه «أساسية لبناء مستقبل مختلف وأكثر تسامحاً». وبعدما دفع موقف البابا أنقرة إلى استدعاء سفير الفاتيكان لديها، إضافة إلى السفير التركي في الفاتيكان، أكد أردوغان أن أنقرة «لن تأبه بقرار البرلمان الأوروبي الذي سيدخل من أذن ويخرج من أخرى، لأن تركيا لن تقبل أبداً مثل ه ذه الجريمة، ومثل هذه الخطيئة»، مشدداً على أنه «ليس وارداً أن تلحق بتركيا وصمة عار أو حتى شبهة تسمى إبادة جماعية». وتابع: «أفهم بالكاد لماذا نأخذ كأمة، إضافة الى وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية، موقف الدفاع، وشخصيا لا يهمني الدفاع لأننا لا نحمل وصمة أو شبحاً مثل الإبادة». وأشار أردوغان إلى أن «حوالى مئة ألف أرمني ما زالوا يعيشون في تركيا من دون أن يتعرضوا إلى سوء معاملة. وقد حصل بعضهم على جنسيتها وآخرون لم يحصلوا، لكن الأرمن، المواطنين وغير المواطنين، يحظون بفرص في بلدنا، في حين كان يمكن أن نرحّلهم». وكان أردوغان ندد بتصريحات البابا فرنسيس، وقال أمام مجموعة من رجال الأعمال: «لن نسمح باجتزاء حوادث تاريخية من سياقها الحقيقي لتستخدم أداة للدعاية ضد بلدنا». وتابع: «أندد بالبابا وأود أن أحذره بألا يرتكب أخطاء مشابهة مجدداً». وفي حين انتقد سياسيون أتراك آخرون -إضافة إلى أردوغان- البابا بشدة، يعتبر بعض الأتراك الخلاف «وصفة سياسية فارغة»، مبدين رغبتهم في ترك التاريخ وشأنه. وتقول أرمينيا والأرمن المنتشرون في الخارج، إن مليون ونصف المليون من أسلافهم قتلوا على يد قوات السلطنة العثمانية في حملة استهدفت القضاء على الشعب الأرمني في شرق تركيا. أما الموقف التركي فمختلف تماماً، ويُفيد بأن مئات الآلاف من الأتراك والأرمن قتلوا حين كانت القوات العثمانية تحارب الامبراطورية الروسية للسيطرة على شرق الأناضول خلال الحرب العالمية الأولى. ويحيي الأرمن في أنحاء العالم الذكرى المئوية لمجازر 24 نيسان (أبريل)، فيما تحتفل تركيا في اليوم ذاته بذكرى معركة غاليبولي في الحرب العالمية الأولى.