تخيّم أجواء الحرب على الحدود السورية - الأردنية، بعدما أعلن «الجيش السوري الحر» فجر أمس سيطرته على معبر نصيب (جابر) الفاصل بين البلدين، ما دفع القوات النظامية السورية إلى تكثيف القصف عليه، وسط أنباء عن توجه الأردن إلى تعزيز إجراءاته العسكرية والأمنية قرب الحدود. وكانت عمان قررت أول من أمس إغلاق المعبر الأخير مع دمشق، على وقع اشتباكات عنيفة ومتواصلة بين قوات النظام السوري والقوات التابعة ل «الجيش الحر» قبل أن يعلن الأخير سيطرته الكاملة على المعبر. وبدت الاشتباكات مألوفة ومعتادة عند المنطقة الحدودية، حيث تُسمع أصوات الأسلحة المتوسطة والثقيلة بوضوح عند بوابات المعبر الأردني، الذي لا يبعد سوى ثلاثة كيلومترات عن الأراضي السورية، فيما ترابط عشرات الشاحنات العالقة على طرفي الشارع المؤدي إلى المعبر، الذي توقفت فيه الحركة تماماً. وحاول سائقو الشاحنات العالقة وغالبيتهم من السوريين الفقراء التريث وانتظار قرار يسمح لهم نقل البضائع التي يقلونها إلى الجانب الآخر. ورفض غالبية هؤلاء التحدث، خشية إلحاق الضرر بهم عند دخولهم إلى الجانب السوري. لكن واحداً منهم قرر الحديث، بعدما أخفى وجهه بغطاء الرأس التقليدي، رافضاً الكشف عن اسمه. وقال بصوت قلق: «لا نعرف ما هو المصير الذي ينتظرنا، سنواصل البقاء عند بوابات المعبر حتى يسمح لنا بالدخول». وأضاف: «هناك عشرات الشاحنات التابعة لمنظمة الصليب الأحمر، لا تزال عالقة، وهي لا تحمل سوى مساعدات غذائية وطبية». وقال آخر بعدما أخفى معالم وجهه: «الأوضاع صعبة بعدما أغلق المعبر، لكننا باقون وننتظر الفرج». وكانت الداخلية الأردنية اعلنت عن «غلق معبر جابر أمام حركة المسافرين ونقل البضائع بشكل موقت». وأشارت إلى أن «اغلاق الحدود يأتي كإجراء احترازي للحفاظ على أرواح وسلامة المسافرين، نظراً لأحداث العنف التي يشهدها الجانب الآخر من الحدود - بلدة نصيب». وفي وقت لاحق أمس أكدت الداخلية أن الجيش والأجهزة الأمنية الأردنية تحكم سيطرتها على الحدود مع سورية. واغلق الأردن حدوده مع سورية بشكل مؤقت اكثر من مرة منذ اندلاع النزاع فيها عام 2011 وكان آخرها في آذار (مارس) 2013. وكان معبر نصيب المعبر الرسمي الوحيد المتبقي للنظام السوري مع الاردن بعد سيطرة «جبهة النصرة» وكتائب اسلامية اخرى على معبر الجمرك القديم في تشرين الاول (اكتوبر) 2013. لكن ناشطين سوريين قالوا ل»الحياة» بأن قوات من «لواء اليرموك» التابع ل «الجيش الحر» تصدر المواجهات مع قوات النظام قرب الحدود السورية - الأردنية. ويرى مراقبون أن التطورات الأمنية على الحدود، هي التي دفعت الأردن بالدرجة الأولى إلى غلق معبره، وهذه التطورات لا يمكن تجاهلها أردنياً تحت أي ظرف. ورجح هؤلاء أن يبقى المعبر مغلقاً إلى حين استقرار الوضع على الحدود، وبانتظار أن تتبين الجهة التي ستسيطر على المنطقة، لمعرفة الخطوة المقبلة أردنياً. ويرى خبراء عسكريون أن امكانية السيطرة على الحدود من قبل قوات «الجيش الحر» تبقى واردة، وأن الموقف الأردني يبقى مفتوحاً على كل الاحتمالات. وسبق أن سيطر «الجيش الحر» على معبر الرمثا الفاصل بين البلدين، وهو ما دفع عمان إلى غلق المعبر على الفور. لكن نقطة القلق الكبرى لدى السلطات الأردنية تمثل في سيطرة الجماعات المتشددة على أي من المعابر الفاصلة بين عمانودمشق، وهو الأمر الذي لن يسمح بحدوثه مطلقاً، وفق مسؤولين كبار في الحكومة الأردنية.