أقر قادة عسكريون في «الجيش الحر» بأن التقدم الذي حققته المعارضة السورية قرب حدود الأردن خلال الأيام القليلة الماضية، سبب قلقاً لدى السلطات الأردنية، التي تخشى كما يبدو نفوذ الكتائب الإسلامية المتشددة. لكنهم أكدوا ل «الحياة» سعيهم إلى طمأنة عمان من خلال تفاهمهم مع القوى السلفية المقاتلة على مغادرتهم المعابر الحدودية عقب السيطرة الكاملة عليها. في غضون ذلك، قالت مصادر حكومية أردنية ل «الحياة»، إن عمان لن تعترف بشرعية المعارضة السورية على المعابر المحررة، كما لن تسمح باقتراب «القوى المتطرفة» من أراضيها. وكانت قوات المعارضة سيطرت أول من أمس على مركز حدودي جديد قرب لواء الرمثا الأردني (شمال)، ذلك بعد اشتباكات عنيفة استمرت شهراً. ويقع هذا المركز قرب الحدود الأردنية مع سورية التي يزيد امتدادها على 370 كيلومتراً بمحاذاة مركز الجمرك القديم في الرمثا، الذي استولت عليه مجموعات المعارضة المسلحة بينها «جبهة النصرة» وتنظيمات سلفية أخرى قبل أيام. وحصلت «الحياة» على تسجيلات جديدة صورها ناشطون، أظهرت عناصر سلفية تتبع «جبهة النصرة»، وهي تقف على بعد 20 متراً فقط من معبر الرمثا الخاضع لسيطرة المعارضة. ويبدو أن مثل هذا المشهد، أثار حفيظة مسؤولين لدى الحكومة الأردنية وأكدوا أنهم لن يعترفوا بتواجد «القوى المتطرفة» على المعابر الفاصلة بين البلدين. لكن المعارضة السورية التي يساعدها استمرار السيطرة على المعابر في ربط شرق درعا بغربها ويؤسس لحماية ظهر قواتها على امتداد شريط حدودي طويل، ترى أن إمكان التنسيق مع الأردن لإعادة فتح المعابر المحررة أمراً ممكناً. وقال قائد العمليات في «الجيش الحر» ياسر العبود ل «الحياة» أمس: «نقوم الآن بتحرير معابر سيادية ذات طابع دولي. وإذا أراد الأشقاء في الأردن أن يتبادلوا المنافع التجارية عبر هذه المعابر فنحن على أتم الاستعداد، ولدينا عناصر قادرة بالفعل على إدارة المعابر إن شاء الله». وأوضح قائد المنطقة الجنوبية في «الجيش الحر» أيضاً وقائد «لواء اليرموك» بشار الزعبي ل «الحياة» إن قلق الأردن «مفهوم ومبرر، لأن وجود كتائب إسلامية على حدوده قد يسبب لها الحرج». وأضاف: «أكدنا للأخوة الأردنيين أن عناصر جبهة النصرة والمجموعات السلفية الأخرى ستنسحب من المعابر نهائياً حال انتهاء المعارك، ونأمل أن يتفهموا الموقف». واستطرد: «نستطيع القول إننا نسيطر اليوم على نحو 95 في المئة من كامل الحدود مع الأردن. من معبر نصيب مروراً بكامل الشريط الحدودي من جهة الغرب بات الأمر تحت السيطرة». وتابع الزعبي أن «العمل جار حالياً على تحرير آخر مركز يتبع هجانة النظام (السوري) يقع عند منطقة تدعى مغر صالح، وهي قريبة أيضاً من الأردن، ونتوقع السيطرة عليها في غضون الساعات المقبلة». في المقابل، قال وزير بارز في الحكومة الأردنية ل «الحياة» إن بلاده ليست في وارد الاعتراف حالياً بسيطرة المعارضة على المعابر الفاصلة بين الأردن وسورية. وأوضح أن أكثر ما تخشاه العاصمة الأردنية هو خطر كتائب إسلامية متشددة التي تحكم سيطرتها على أجزاء كبيرة من هذه المعابر. ومضى قائلاً: «الأردن يراقب الوضع عن كثب قرب الحدود، ولا يريد تحت أي ظرف أن ينتقل خطر الكتائب المتطرفة إلى أراضيه تحت أي لافتة، حتى لو كانت إنسانية». وأكد أن عمان ستلجأ إلى غلق معبر نصيب، في حال سقط بيد المعارضة المسلحة. ويقع معبر نصيب الذي كانت تمر من خلاله تجارة بقيمة مئات ملايين الدولارات، على بعد كيلومترات من معبر الرمثا - درعا، الذي سيطرت عليه المعارضة أخيراً، وهو يجاور قرية المفرق الأردنية.