وكأن الحروب والعقوبات الدولية المفروضة على بعض دول العالم، وانهيار سعر النفط، لا تكفي لزرع الذعر في نفوس المستثمرين، تواجه المصارف الروسية انهيار الروبل، بعدما كان الأمل في تألقه دولياً أمام العملات الصعبة وارداً جداً. ويجب على المصارف الروسية تسديد ديون قيمتها 134 بليون دولار حتى العام المقبل. وتستحق على هذه المصارف الشهر المقبل ديون بقيمة 32 بليون دولار. وقدّر مراقبون سويسريون نسبة تآكل الروبل أمام الدولار بنحو 30 في المئة منذ مطلع السنة، ما يعني أن تسديد هذه الديون بات صعباً. ولا شك في أن ضعف المصارف الروسية يلعب دوراً في دعم الدولار حتى أمام الفرنك السويسري، إذ يفرض الدولار ذاته مرة أخرى على الأسواق المالية الدولية. وتوقع خبراء أن تزداد قوة الدولار تدريجاً ولكن ببطء في الشهور الثلاثة المقبلة. ولا يمكن القول إن فقاعة الديون الروسية الخارجية حالة معزولة، لأن دولاً نامية كثيرة تحمل ديوناً خارجية ضخمة. وساهم مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي في نمو ديون الدول النامية الخارجية، لأن تغذية الأسواق الأميركية بسيولة مالية ضخمة ساعدت في الضغط على نسب الفوائد، ما دفع المستثمرين الدوليين إلى البحث عن تحقيق أرباح خارج أميركا. أما حكومات الدول الناشئة فاعتمدت بشدة مفهوم «العطش لتحقيق أكبر مردود ممكن»، فأصدرت كميات ضخمة من السندات. وعن السندات الصادرة في الدول النامية بالعملات الصعبة، أعلن المراقبون أنها تضاعفت منذ العام 2008، وقفزت قيمتها من تريليون دولار إلى 2.1 تريليون. وإذا أُضيفت قيمة هذه السندات إلى القروض المصرفية المستوطنة داخل الدول النامية، فتصل إلى 5 تريليونات دولار، ما يعني أنها ارتفعت نحو 66 في المئة منذ العام 2008. واستناداً إلى الإحصاءات المصرفية في سويسرا، تجاوزت قيمة إصدارات سندات الدول النامية تريليوني دولار، وصدر 22 في المئة منها بالدولار مباشرة. يذكر ان المستثمرين السويسريين لا يهربون الآن من روسيا وأوكرانيا فحسب، بل أيضاً من مناطق أخرى حول العالم، لا علاقة لها بالحروب ولا بتقلبات أسعار النفط. يكفي النظر إلى تركيا، حيث تراجعت قيمة الليرة التركية أمام الدولار نحو 9 في المئة. كما يهرب السويسريون من البرازيل لتراجع قيمة العملة الوطنية أكثر من 8 في المئة أمام الدولار، وكذلك من اندونيسيا ورومانيا وجنوب أفريقيا. ويتخوف كثر من احتمال انفجار فقاعة الدول النامية التي ضخمها مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي في شكل مفاجئ.