بدأ امس المسلحون الحوثيون تمددهم في أنحاء محافظة عمران شمال اليمن، بعدما غدت الطرقات مفتوحة أمامهم فيها، إثر سيطرتهم مطلع الأسبوع على معاقل آل الأحمر في خيوان والخمري وحوث، وعقب توقيعهم الثلثاء اتفاقاً مع عدد من أبرز زعماء قبائل حاشد رعته لجنة وساطة حكومية كفل لهم حرية التنقل، وسط أنباء تتردد عن استعدادهم لإحكام قبضتهم على مدينة عمران نفسها قبل التوجه إلى العاصمة صنعاء. لكن الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام نفى أي نية لدى الجماعة للسيطرة على صنعاء. كما يؤكد عدد من القادة الحوثيين في صنعاء أن أنصارهم في العاصمة يقدرون بعشرات الآلاف وليسوا بحاجة إلى أي دعم من خارجها إذا ما كانوا يخططون بالفعل لإسقاطها. وتزامنت هذه التطورات مع مقتل أربعة جنود، في هجوم شنه مسلحون يعتقد بأنهم على صلة بتنظيم «القاعدة» على حاجز عسكري، قرب منشأة بلحاف لتصدير الغاز في محافظة شبوة الجنوبية، وفي وقت أكد الرئيس عبدربه منصور هادي خلال لقائه أئمة المساجد، أن بلاده تلافت ما أسماه «الانفجار الكبير» بولوجها في الحوار السياسي على قاعدة «المبادرة الخليجية». وأكد شهود ل «الحياة» أن مئات المسلحين الحوثيين وصلوا إلى مدينة ريدة، شمال صنعاء، فيما عقد محافظ عمران محمد حسن مناع، وهو زعيم قبلي قريب إلى آل الأحمر وقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون)، اجتماعاً مع الزعماء القبليين لدرس «سبل مواجهة الخطر الحوثي الذي بات على مقربة من صنعاء». وقالت المصادر الحكومية إن الاجتماع شدد على ضرورة «التعاون لحفظ أمن ونبذ أي مظاهر تخل بالأمن والاستقرار والتأسيس لمرحلة جديدة يسودها النظام والقانون وإيجاد مناخات تهيئ للشروع في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل بعيداً من أي مناكفات سياسية أو تعصب مذهبي أو مناطقي». واعتبر زعماء في قبيلة حاشد «أن اللحظة باتت سانحة لتوحيد القبيلة ذات النفوذ الواسع تحت زعامة جديدة غير آل الأحمر، الذين زجوا بالقبيلة في صراعات مذهبية وحزبية قبل أن تكسر شوكتهم على أيدي الحوثيين». وأوضح هؤلاء ل «الحياة»، أن هناك شبه إجماع على الشيخ علي حميد جليدان، زعيم بني صريم، لتولي قيادة حاشد، بعد تصدره أخيراً لعقد تفاهمات مع الحوثيين تضمن عدم تدخلهم في شؤون أبناء المنطقة. وفي حين أفادت مصادر مقربة من آل الأحمر أنهم يجرون مشاورات مع حلفائهم القبليين والحزبيين في المناطق اليمنية لشن حرب مضادة لاسترداد نفوذهم، إلا أنه من المستبعد أن يتمكنوا من حشد ما يكفي من الأنصار لاستعادة معاقلهم في عمران. ويتهم آل الأحمر، ومعهم ناشطو حزب الإصلاح الإسلامي، الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعقد تحالف غير معلن مع الحوثيين عبر زعماء قبائل موالين له في حاشد، من اجل السيطرة على عمران تمهيداً لإسقاط صنعاء وبالتزامن مع تحضيرات لتظاهرات يعد لها ناشطون في 11 شباط (فبراير) الجاري احتجاجاً على سياسة الحكومة المتهمة بالفشل في إيجاد حلول لمشكلات البلاد وإحلال الأمن. كما يتهم آل الاحمر الرئيس هادي بالتخلي عنهم بعد محاولات حثيثة منهم للضغط عليه لدخول المعركة إلى جانبهم، في وقت تؤكد مصادر الرئيس اليمني أنه رفض الزج بالجيش في مواجهة جديدة مع الحوثيين، لاعتقاده بأن الأولوية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وكتابة الدستور الجديد والتأسيس للدولة الاتحادية وليس لخوض حروب جديدة.