أعلنت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" ومصادر قبلية التوصل إلى وقف لإطلاق النار، أمس الأربعاء، بين المتمردين الشيعة الحوثيين ومقاتلين من قبائل "حاشد" بشمال صنعاء بعد ثلاثة أيام من المعارك العنيفة. وقالت مصادر لوكالة "فرانس برس" إن بعثة رئاسية توصلت إلى اتفاق مع المتقاتلين لوقف المعارك اعتباراً من الساعة السابعة من مساء أمس بالتوقيت المحلي.
وأضافت الوكالة أن الطرفين وافقا أيضاً على نشر مراقبين للإشراف على الهدنة على أن يخلي المسلحون مواقعهم صباح اليوم الخميس.
وخلال الأشهر الماضية تمددت رقعة المعارك بين الحوثيين وخصومهم من السلفيين وآل الأحمر الذين يتزعمون تاريخياً قبائل "حاشد"، في محافظات الجوف على الحدود مع السعودية، وحجة على البحر الأحمر، وعمران في شمال صنعاء، إضافة إلى أرحب في شمال صنعاء ومعقل الحوثيين في صعدة.
وتحالف قبائل "حاشد" هو الأكثر نفوذاً تاريخياً في اليمن وشكل السند الأقوى للحكم في صنعاء، وهو بزعامة أبناء الشيخ القبلي الراحل عبدالله الأحمر.
وقال مصدر قبلي بارز لوكالة "فرانس برس" إن الحوثيين المتهمين من قبل خصومهم بتلقي الدعم من إيران "أسقطوا خلال الأشهر الماضية مناطق في الجوف، ويحاولون السيطرة على عاصمة المحافظة مدينة الحزم"، لكن "القبائل تمكنت من إحراز تقدم في الأيام الأخيرة وإخراج الحوثيين من بعض المناطق".
كما ذكر المصدر أن محافظة حجة (غرب صعدة) شبه موالية لهم وباتت هادئة بعد سريان هدنة سعت من أجلها لجنة وساطة رئاسية، فيما "يستمر القتال في دماج"، وهي المنطقة التي فيها مركز يضم آلاف السلفيين في قلب صعدة.
لكن المعارك الأكبر دارت في محافظة عمران شمال صنعاء، خصوصاً في معاقل قبائل "حاشد".
وذكر المصدر القبلي أن الحوثيين "يحاولون إخضاع القبائل لنفوذهم" مشيراً إلى أنهم "نجحوا في استقطاب أجنحة من فروع قبائل "حاشد"، بسبب رفض هذه الأجنحة لسيطرة آل الأحمر"، ما أسفر عن "أول انقسام في "حاشد" في تاريخها".
وأوضح أن قوات من جناح "عذر" في "حاشد" يقاتلون مع الحوثيين، فيما صار جناح "بني صريم" الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح العدو الأول لآل الأحمر.
وأكدت مصادر محلية أن معارك دامية دارت منذ الاثنين بين الحوثيين وقبائل "حاشد" في معاقل هذه الأخيرة في عمران، أسفرت عن "عشرات القتلى والجرحى"، لكن لم يتسن التأكد من الحصيلة من مصادر مستقلة.
ونجا العميد هاشم الأحمر نجل الشيخ عبدالله الأحمر شيخ قبائل "حاشد" السابق، من هجوم شنه مسلحون حوثيون، صباح الثلاثاء، خلال مواجهات وصفتها مصادر محلية بأنها الأعنف مع قبائل "حاشد" في منطقة وادي خيوان بمحافظة عمران.
وأكد مصدر قبلي أن أحد حراس الأحمر الشخصيين قُتل مع أربعة آخرين من أقاربه.
ويقود الأحمر المجاميع القبلية التي تتقاتل مع الحوثيين في عمران باستخدام شتى أنواع الأسلحة، إذ إن الطرفين مزودان بأسلحة متوسطة وثقيلة.
وأكد مصدر قبلي ل"فرانس برس" أن "معارك طاحنة دارت منذ الاثنين الماضي بين الحوثيين ورجال قبائل "حاشد" في وادي خيوان والعصيمات ومناطق أخرى في مديرية حرث بمحافظة عمران"، على بعد 140 كيلومتراً شمال صنعاء.
وأفاد شهود ومصادر قبلية بأن عشرات القتلى والجرحى من الطرفين سقطوا خلال المواجهات التي استخدمت فيها أنواع الأسلحة الرشاشة والمدفعية الثقيلة والصواريخ.
وأعلنت جماعة الحوثي المتمردة على موقعها "أنصار الله" أن مسلحيها تمكنوا من دحر من وصفتهم ب"ميليشيات أولاد الأحمر" في وادي دنان والسيطرة على جبل البراق والبيضاء والبركة في ساعات متأخرة من مساء الاثنين كانت تحت سيطرة القبائل الموالية للشيخ الأحمر.
وأكد زعيم قبلي لوكالة "فرانس برس" أن "جماعة الحوثي حققوا خلال معارك نهار الثلاثاء تقدماً كبيراً في هجوم من عدة جهات أدى إلى تراجع مقاتلي "حاشد"، وفرضوا سيطرتهم على عدد من المناطق التابعة للقبيلة".
وترى أوساط سياسية في صنعاء أن الحوثيين يريدون بسط نفوذهم في شمال غرب البلاد ليكونوا القوة المسيطرة على الإقليم الشمالي الغربي في صيغة الإقاليم الستة المطروحة للدولة الاتحادية المزمع إقامتها في اليمن بموجب الحوار الوطني الذي تشهده البلاد.
وسيتمتع هذا الإقليم في حال قيامه بميناء على البحر الأحمر في حجة، وبأهمية إستراتيجية بسبب حدوده مع السعودية وقربه من صنعاء، فضلاً على مؤشرات لاكتشافات نفطية في الجوف، بحسب هذه الأوساط.
لكن علي البخيتي، المتحدث باسم الحوثيين في الحوار الوطني، واسمهم المعلن جماعة أنصار الله، نفى رغبة الحوثيين في السيطرة على إقليم في الدولة، مؤكداً أن "حضورنا أوسع بكثير من المحافظات الأربع" في شمال غرب اليمن.
وعن القتال في الشمال قال "البخيتي": "ما يحدث هو صراع بين مراكز القوة التقليدية التي تريد الاستمرار في السيطرة على مقومات البلد وأبناء هذه المناطق".
وبحسب "البخيتي"، فإن مراكز القوة هذه تتمثل خصوصاً بآل الأحمر من خلال الزعامة القبلية ومن خلال اللواء النافذ علي محسن الأحمر، وأيضاً من خلال الشيخ حميد الأحمر الذي يعد من قادة تجمع الإصلاح الذي يمثل تيار الإخوان المسلمين.
وأقر "البخيتي" بأن "جزءاً كبيراً من الأطراف القبلية التي تحارب هذه القوى التقليدية ينتمون إلى جماعة أنصار الله".
وخاض الحوثيون ست حروب مع السلطات في صنعاء منذ 2004.