في غرفة صغيرة بأحد طوابق مبنى التنويم في أحد مستشفيات محافظة جدة، يرقد خمسة مرضى، برفقتهم خمسة مرافقين، تظهر صور البؤس في جدران الغرفة المطلية باللون الأبيض والأصفر وفي أسرتها الخمسة، إضافة إلى خمسة أشخاص مفترشين الأرض ضمن مساحة ضيقة جداً مخصصة لحرم السرير الواحد بحدود غير قابلة للتفاوض معلمة بستائر من الأقمشة بينة اللون. تبدو الصورة متكررة في كثير من غرف المستشفى ذاته، ومستشفيات وزارة الصحة في عدد من مناطق المملكة، إذ يعاني المرافق أرقاً بجانب معاناة مريضه، الكل يعاني في غرف التنويم، فلا مكان مهيأ للمرافق سوى كرسي خشبي قديم، ومساحة قريبة من السرير لا تتسع للنوم بصورة طبيعية. «لم أستطع أن أنام بصورة طبيعية، فلا مكان مهيأ للنوم ولا خيار لي سوى الأرض، لكن أرضية الغرفة من السيراميك تعكس برودة هواء جهاز التكييف المركزي»، بهذه الجملة يلخص يوسف الفرحان (19 عاماً) معاناة كثير من مرافقي المرضى، إذ إن حالات أقربائهم المرضى تختلف، بيد أن ظروفهم المكانية تتشابه إلى حد كبير. تغيب عن مستشفيات وزارة الصحة الكبرى في مدينة جدة أبسط أنواع الوسائل الخدمية لمرافق المريض، إذ يكتفي المستشفى بإعطاء المرافق «وسادة وغطاء»، ليتدبر بنفسه مكان النوم بحسب مرافقين التقتهم «الحياة». ويؤكد يوسف الفرحان المرافق مع أخيه المريض الذي نجا من حادثة أليمة راح ضحيتها عدد من أقاربه ل«الحياة» صعوبة تكيفه مع الوضع الجديد الذي فرضه القدر عليه، مشيراً إلى أن المستشفى لا يراعي بتاتاً ظروف المرافق، «ناهيك عن رداءة الطعام المقدم للمرافق والمريض». يضيف: «أتفهم بأن يقدم للمريض نوع معين من الطعام لوضعه الصحي، بيد أن المرافق غير مقيد بنوع معين من الطعام، إنهم يقدمون لي الطعام نفسه المقدم لأخي المريض الذي خرج منذ يومين من غرفة العمليات». تتطابق شكاوى المرافقين في المستشفى، حيث الأنين وافتراش أرض الغرف، التذمر وعدم الشعور بالرضا يتسيدان الموقف، ففي زيارة ميدانية ل«الحياة» اشتكى عدد من المرافقين سوء أحوالهم. يقول محمد الغامدي (24 عاماً) مرافق مع أخيه المريض الذي يعاني كسوراً متفرقة في جسمه إثر حادثة مرورية، إن الوضع لا يحتمل، بيد أن حاجة شقيقه إلى مرافق يعتني به تفرض عليه الجلوس بجانب أخيه. في أروقة المستشفى الكل يشتكي ويتذمر، ويتحاشى كثير من الممرضين الدخول في جدل مع مرافقي المرضى كثيري التذمر، إذ يؤكد عبدالغني الذي يرافق أخاه تهرب الممرضين من خدمة المرافقين نظراً إلى عدم وجود حلول لديهم لكثير من النواقص الخدمية، «تخيل لا يوجد لديهم مكاناً للنوم، نحن نفترش الأرض». من جهته، كشف مسؤول سابق في وزارة الصحة عن عدم توفير موازنة لمرافقي المرضى، إذ تحسب الموازنة على أعداد الأسرّة، وأن حسابها يكون عبر زيادة نسب إشغال الأسرّة في العام، مشيراً إلى أن حلول الصرف المالي على المرافقين دائماً تكون وفق اجتهادات شخصية. وأكد المدير السابق للشؤون الصحية في محافظة جدة الدكتور عبدالرحمن خياط ل«الحياة» عدم احتساب المرافقين ومصروفاتهم ك«الأكل والنظافة والأماكن المخصصة لنومهم» ضمن موازنة المستشفيات، إذ تعتمد وزارة الصحة في اعتماد الموازنة على عدد الأسرّة، مشيراً إلى أن المرافقين يمثلون عبئاً إضافياً على المستشفيات. وقال خياط إن غالبية إدارة المستشفيات تعتمد على «البركة» والجهد الشخصي في حساب مخصصات موازنة المرافقين، فالموازنة المخصصة ل500 سرير على سبيل المثال تحسب نسبة الإشغال في العام في شكل أكثر من الواقع بحيث تصرف للمرافقين.